قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن كلمةُ التوحيد هي الفاصلُ بين الإيمان والكفر؛ تنقل الإنسان من دائرة غضب الله إلى دائرة رضاه، وهي التي يعيش بها المسلمُ حياتَه ويرجو أن يلقى اللهَ بها.
واشار إلى أن من أعظم ما يجمع معنى التوحيد «سورةُ الإخلاص»؛ فقد صحّ عن النبي ﷺ أنه قال فيها: «تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن».
وتأمّل كيف تبدأ السورة بـ﴿قُلْ﴾ (سورة الإخلاص: 1): فهي أمرٌ بالتبليغ والدعوة، لا ينحصر في زمنٍ دون زمن؛ كأن الخطاب يتجاوز الأشخاص ليصل إلى كل مؤمن يتلو القرآن ويبلّغ به.
ثم ﴿هُوَ﴾ (سورة الإخلاص: 1): ضميرٌ إذا أُطلق انصرف إلى من تعلّقت به القلوب؛ {هُوَ} حاضرٌ، {هُوَ} مباينٌ للخلق، {هُوَ} الأوّلُ بلا ابتداء، والآخرُ بلا انتهاء، لا يقيده قيدٌ ولا يحده حدٌّ، {هُوَ} أظهرُ من الظهور، وأدلُّ من الدليل.
ثم ﴿اللَّهُ﴾: لفظٌ فريدٌ عظيمٌ في مبناه ومعناه، يدلّ بكلِّه على ربِّ الكائنات، وهو المتفرّد بصفات الجمال والجلال والكمال.
ثم ﴿أَحَدٌ﴾ (سورة الإخلاص: 1): أحدٌ في ذاته وصفاته وأفعاله؛ فلا يُعبد سواه ولا يُلتجأ إلا إليه.
ولذلك جاءت ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ (سورة الإخلاص: 2): أي المتوجَّهُ إليه بالطلب والدعاء؛ القادرُ على الإجابة والتنفيذ، فتعلّقوا به وأجملوا في الطلب.
ثم يختم التنزيه القاطع: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ (سورة الإخلاص: 3)، فهو سبحانه مفارقٌ للأكوان، وهو ربُّ العالمين على كل حال.
و﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ (سورة الإخلاص: 4): ليبقى الفرق واضحًا بين الرب والعبد، وبين الخالق والمخلوق. إذا عرفتَ نفسك بالفناء عرفتَه بالبقاء، وإذا عرفتَ نفسك بالعجز عرفتَه بالقوة والقدرة، وإذا عرفتَ نفسك بالحدوث والابتداء فهو القديمُ؛ هو الأوّلُ بلا بداية، وهو الآخرُ بلا نهاية.
أيها العاقل: عليك بربك؛ فهو أصل الوجود، وبيده المُلكُ والمَلَكوتُ، وقد عرّف عباده بنفسه في كتابه ليطمئنوا إليه ويعرفوه ويدعوه بأسمائه وصفاته.



