الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«بين نارين».. رشا تطلب الانفصال: «مش عارفه أروح لزوجي الليبي»

صدى البلد

فى ركن هادئ بإحدى قاعات الجلسات بمحكمة الأسرة بزنانيرى، جلست "رشا" صاحبة الخامسة والثلاثين ربيعا بعيدا عن زحام الحائرين والباحثين عن العدل والخلاص مثلها، ترتدى ملابس متواضعة، وتدارى وجه حفرت الدموع ممرا لها على وجنتيه صفرة الشقاء وعناء الركض وراء بضعة جنيهات تسد بها جوع أطفالها، وتخفى عينين ممتلئتين ببقايا دموع حارة على 17 عاما ضاعت بين ثلاثة رجال، أولهم أذاقها مرارة الإهانة وثانيهم عذب جسدها وأساء معاملة ابنتها - حسب روايتها- وثالثهم فرقته الحرب فى بلاده عنها.

تبدأ الزوجة الثلاثينية سرد تفاصيل روايتها لـ"صدى البلد" بكلمات تخرج من ثغرها ثقيلة: "تزوجت لأول مرة وأنا فى الخامسة عشرة من عمرى، من رجل يكبرنى بعشرين عاما ويعمل موظفا بوزارة البحث العلمى، ولك أن تتخيلين ماذا قد يحدث لطفلة بريئة بجسد هزيل لم يكتمل نموه، ولا تعرف من الحياة سوى وجهها المشرق، ولاتزال آثار اللعب مع قريناتها عالقة فى ثيابها، فى أحضان رجل يكبرها بكل هذه السنوات، فلم أتحمل غلظته وسوء معاملته لى، وطلبت الطلاق منه بعد 3 سنوات من الزواج، وعدت إلى بيت أهلى القابع بقرية فقيرة بمحافظة المنوفية حاملة ابنتى على كتفى، واضطررت للبحث عن عمل كى أربى ابنتى بعدما كف والدها عن الإنفاق عليها نكاية فى".

تحبس الزوجة أنفاسها وهى تكمل رواية تفاصيل حكايتها: "وبعد سنوات قليلة من طلاقى تزوجت للمرة الثانية من كهربائى هربا من كلمات أهلى اللائمة على حملى لقب مطلقة، وأقنعت نفسى بأن هذا الرجل ربما سيعوضنى عن سنوات القهر التى عشتها مع طليقى، وأنه سيساعدنى فى تربية ابنتى وحمايتها كما تعهد لى قبل الزواج، لكنه للأسف كان أول من أساء معاملتها، فى البداية تحملت لأننى لا أملك غير خيار الرضا، ولأننى لا أريد أن تعيش طفلتى الثانية مأساة شقيقتها، لكنه تمادى فى طغيانه وضربه وتطاوله على ابنتى، فقررت أن أتخلص منه وطلبت الطلاق".

يعلو وجه الزوجة الشابة ابتسامة تخفى وراءها حزن دفين وهى تتابع حكايتها: "خرجت من الزيجتين بطفلتين ومحطمة، رضيت بنصيبى وحمدت الله عليه، لكن ألسنة الناس لم ترحمنى فقررت الهروب من سهامهم المسمومة لسمعتى بالزواج للمرة الثالثة من رجل ليبى تعرفت عليه عن طريق صديقة لى، وعشنا سويا لمدة 4 سنوات مرت كالحلم، وخلالها لم أر منه سوى كل خير وحب، ولا أتذكر أنه رد لى طوال سنوات حياتنا معا طلبا، حتى اندلعت الحروب فى ليبيا فتبدل الحال، واضطرت للعودة إلى مصر، وحالت الظروف دون لحاقه بى، فأرغمنى والدى على الانفصال عنه رغم توسلاتى له وإقرارى برغبتى فى البقاء فى عصمة زوجى، وخضوعا لرغبة أبى أقمت دعوى طلاق، لأعود مرة أخرى إلى الوحدة والحزن، وأتفرع لرعاية البنتين ".

تحافظ الزوجة الثلاثينية على ابتسامتها الحزينة وهى تنهى روايتها: "ومنذ مايقرب من عامين طلب والد ابنتى الكبيرة أن تجلس معه لترعاه أثناء فترة مرضه، فقبلت فهو فى النهاية والدها رغم كل مافعله، وياليتنى مافعلت فبعد وفاته فوجئت بعمها يخفيها عنى ويعين نفسه واصيا عليها وكل هذا حتى يتمكن من الاستيلاء على معاشها وما تركه لها والدها من أموال، وبعدما يئست من العثور عليها طرقت أبواب محكمة الأسرة وأقمت دعوى ضم حضانة تحمل رقم 930 لسنة 2016، وها أنا أنتظر أن أعيدها إلى حضنى مرة أخرى".