قال الدكتور ناثان ليبراسور، الباحث في وظائف الأعضاء والحاصل على الدكتوراه من جامعة بوستن - مدير برنامج الشيخوخة الصحية بمركز روبرت وآرلين في مركز روبرت، إن خلايا الجسم التى تتجاهل أمر الجسم بالموت يطلق عليها الخلايا الهرمة وأحيانًا تسمى "خلايا الزومبي" بسبب بقائها على قيد الحياة وأنها غير قادرة على العمل بشكل صحيح ولكنها تقذف المواد الكيميائية السامة باستمرار.
وأضاف ناثان ليبراسور، في أحد الحوارات الصحفية، أن الدراسات التي أجريت على الحيوانات أشارت إلى تورط الخلايا الهرمة في حالات الشيخوخة التي تتراوح ما بين خلل المخ وهشاشة العظام، لكن الأبحاث حول الخلايا الهرمة ومساهمتها في تدهور الصحة لا تزال جديدة إلى حد ما، فقد كان التركيز الأساسي على الخلايا الهرمة نفسها وكيف تؤثر إزالتها على الحالات المرضية، ينظر الباحثون الآن في البروتينات السامة التي تطلقها الخلايا الهرمة، والتي تسمى النمط الظاهري الإفرازي المرتبط بالشيخوخة (SASP)، حيث يفحصون تأثير تلك البروتينات على البيئة المحيطة بالخلايا (البيئة الدقيقة) وتأثيرها عندما تنتشر في الجسم.
اقرأ أيضا:
في دراسة حديثة، أفاد باحثون بأن انتشار النمط الظاهري الإفرازي المرتبط بـ الشيخوخة في مجرى الدم البشري قد يكون علامة موثوقة لتمييز الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالشيخوخة، وكذلك النتائج السيئة بعد الجراحة، ونُشر المقال على الإنترنت يوم 18 يونيو 2020 في مجلة "جاي سي آي إنسايت"، بقيادة ناثان ليبراسور، الحاصل على الدكتوراه، اجتمعت مجموعة زملاء متعاونين لفهم كيف للعوامل السامة المفرزة من الخلايا الهرمة أن تبيِّن العمر البيولوجي، وبالتالي المخاطر المرتفعة للإجراءات الطبية.
يقول الدكتور ليبراسور: "لقد طوّرنا في البداية ما يقرب من 30 مؤشرًا حيويًا للشيخوخة من خلال فحص وفرة من البروتينات المتنوعة التي تفرزها أنواع مختلفة من الخلايا البشرية الهرمة، ثم قمنا بتقييم ما إذا كان يمكن اكتشافها في عينات الدم البشرية".
وبحث الباحثون عن تلك البروتينات في عينات الدم للمشاركين في البنك البيولوجي لمايو كلينك (Mayo Clinic). تم توزيع 267 عينة بالتساوي بين جنس المتبرعين وأعمارهم ما بين 20-90.
يقول الدكتور ليبراسور: "لقد أثبتنا أن توفر غالبية المؤشرات الحيوية لدينا يزيد مع تقدم العمر".
وارتبطت تركيزات 19 مؤشرًا حيويًا بالعمر الزمني، وبعد إجراء تعديلات على مؤشر الجنس ووزن الجسم، بقي 17 مؤشرًا.
إن ما يكتبه المؤلفون يوضح تأثير هذه العوامل على الجسم وكيف يتقدم في العمر.
وقد خلصوا إلى أنه مع تراكم أنواع مختلفة من الخلايا الهرمة مع التقدم في العمر، فإنها قد تساهم في تكوين نمط ظاهري إفرازي شخصي ومتغير مرتبط بالشيخوخة داخل كل شخص.
بالإضافة إلى النظر في المؤشرات الحيوية للمشاركين الأصحاء نسبيًا في البنك البيولوجي، قام الباحثون أيضًا بقياس بروتينات النمط الظاهري الإفرازي المرتبط بالشيخوخة المنتشرة لدى الأشخاص المصابين بحالتين مختلفتين مرتبطتين بالعمر تتطلبان تدخلًا جراحيًا: المرض القلبي الوعائي (تضيق الصمام الأبهري الشديد) وسرطان المبيض.
كما فحص الدكتور ليبراسور وزملاؤه الروابط بين المؤشرات الحيوية ومؤشر الضعف، وهو إحدى متلازمات الشيخوخة المرتبطة بزيادة التعرض للتوتر والنتائج الصحية السيئة بعد الجراحة في كلا المجموعتين.
ويتابع الدكتور ليبراسور: "لقد لاحظنا أن العديد من المؤشرات الحيوية لدينا كانت مرتبطة بعبء الأمراض والإعاقات، أو العمر البيولوجي. باستخدام التعلم الآلي، حددنا مجموعة مختارة من المؤشرات الحيوية التي يمكن استخدامها للتنبؤ بالنتائج السلبية، مثل: المضاعفات، وحالات القبول في وحدة العناية المركزة وإعادة الدخول إلى المستشفى بعد الجراحة إما لأمراض القلب أو سرطان المبيض".
جدير بالذكر أن المؤشرات الحيوية كانت أفضل بكثير في التنبؤ بالنتائج الصحية السلبية مقارنة بالعمر الزمني وقياس الضعف.
ويحذر المؤلفون من أن الدراسة مستمدة من منطقة جغرافية محدودة وقد لا تكون قابلة للتعميم، كما لاحظوا أن فائدة المؤشرات الحيوية تحتاج إلى اختبار من حيث دَواعي الاستعمال الجراحية أخرى، مثل: استبدال المفاصل بسبب التهاب المفاصل الحاد، وهو ما يأمل الفريق في متابعته.
ويقول الدكتور ليبراسور: "نحن حريصون على تكرار هذه النتائج في مجموعات أكبر وأكثر تنوعًا أيضًا، نحن متحمسون جدًا لمعرفة كيف تؤثر تدخلات مثل التمارين الرياضية والنظام الغذائي وفي المستقبل غير البعيد الأدوية على المؤشرات الحيوية، وبالتالي على النتائج الصحية، لدينا أدلة قوية في النماذج الحيوانية على مثل هذه الاتجاهات".
وأضاف: "من الواضح أن هناك بالغون أكبر سنًا مرنون وأقوياء تظهر عليهم تبعات قليلة جدًا للشيخوخة، وأشخاص أكثر ضعفًا وتأثرًا من نفس العمر الزمني، نظرًا لأن العمر، حتى الآن، هو أكبر عوامل الخطورة المرتبطة بغالبية الحالات الصحية التي تساعد مايو كلينك (Mayo Clinic) الأفراد على إدارتها، يمكن أن تساعد استراتيجيات تحديد العمر البيولوجي في توجيه عملية اتخاذ القرار السريري".
يقول الدكتور ليبراسور أيضًا، إنه "مع ظهور التدخلات التي تستهدف البيولوجيا الأساسية للشيخوخة، يمكن أن تساعدنا المؤشرات الحيوية للشيخوخة في تحديد الأفراد الأكثر استجابة، كما أنها ستكون بمثابة مؤشرات مبكرة على ما إذا كان التدخل يقوم بوظيفته، بالنسبة إلى تدابير الوظيفة البدنية أو الإدراكية، على سبيل المثال، من خلال فهم بيولوجيا الشيخوخة بشكل أفضل، لدينا القدرة على تحديد طرق لإحداث تغيير جذري في صحة الإنسان ستؤدي استراتيجيات تأخير ظهور الأمراض والإعاقات المرتبطة بالعمر إلى إطالة فترة صحة الإنسان بشكل كبير، أي فترة حياة خالية من المرض والإعاقة".