الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

77 عاما من اجتماع الثلاثة الكبار|هل تنهي معارضة بريطانيا للحرب اتفاق يالطا؟

بوتين وجونسون
بوتين وجونسون

أزمة دبلوماسية طاحنة تلوح في الأفق بين روسيا وبريطانيا نتيجة لمعارضة الأخيرة للهجوم الروسي على أوكرانيا أو ما يعرف بـ الأزمة الأوكرانية.

موسكو لن تنسى دور بريطانيا

الخلاف الدائر وتعارض المواقف ينذر بتدهور العلاقات بين روسيا وبريطانيا، حيث التصعيد يتزايد من قبل لندن التي سبق ورفضت الاحتشاد الروسي على الحدود مع أوكرانيا، وحذرت منه إلى أن زاد الموقف توترا مع بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ولعل أحدث تصعيد بين روسيا وبريطانيا ما يتعلق باتهام بريطانيا لروسيا باستغلال وقف إطلاق النار في ماريوبول لإعادة تنظيم قواتها.

بريطانيا وروسيا ثنائي أوروبا 

فقد قالت بريطانيا، منذ أيام، إن وقف إطلاق النار الذي اقترحته روسيا في مدينة ماريوبول الأوكرانية كان على الأرجح محاولة لتشتيت الإدانات الدولية في حين تتيح لنفسها إعادة تنظيم قواتها لشن هجوم مجدد.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إنه من "المرجح أن روسيا تسعى من خلال اتهامها لأوكرانيا بانتهاك الهدنة إلى إلقاء المسئولية على عاتقها عن الضحايا المدنيين في المدينة الآن وفي المستقبل".

وفي وقت سابق قالت روسيا، إنها فتحت ممرات إنسانية بالقرب من مدينتي ماريوبول وفولنوفاخا اللتين تطوقهما القوات الروسية.

وذكرت وكالة الإعلام الروسية، أن وزارة الدفاع الروسية اتهمت "القوميين" الأوكرانيين بمنع المدنيين من الخروج من المدينتين.

وسبق ذلك، أن أرسلت موسكو رسالة شديدة اللهجة إلى لندن، أكدت فيها روسيا أنها لن تنسى لبريطانيا دورها وتعاونها مع القوميين في أوكرانيا ومع النظام في كييف.

كما شددت موسكو على أنها لن تنسى للندن دورها في عمليات التسليح لكييف بأسلحة تستخدم ضد القوات والجنود الروس.

وتوعدت وزارة الخارجية الروسية، باتخاذ إجراءات صارمة، لكن متناسبة، ضد المصالح البريطانية في روسيا، ردا على ما وصفته "بهيستيريا العقوبات" في لندن أثناء الصراع في أوكرانيا.

وقالت الوزارة إن بريطانيا "اختارت بوضوح السير نحو مواجهة مفتوحة مع روسيا"، الأمر الذي لم يترك لموسكو أي خيار سوى الرد باتخاذ إجراءات غير محددة حتى الآن "ستقوض بلا شك المصالح البريطانية في روسيا".

التصريحات بين موسكو ولندن

منذ عدة أيام، قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يلعب بالنار بمهاجمة محطة للطاقة النووية في جنوب شرق أوكرانيا، وطالبه بوقف استهداف مثل هذه المواقع.

وقال والاس في مؤتمر صحفي خلال زيارة لكوبنهاجن: "نطالب الرئيس الروسي بأقوى العبارات الممكنة بالكف تماما عن مهاجمة مثل تلك المواقع، لأنها "لا تمثل خطورة على أوكرانيا وروسيا فحسب، إنما هي خطورة على أوروبا، وهي لعب بالنار يتجاوز حقا كل ما له علاقة بالمنطق أو الضرورة".

 وزير الدفاع البريطاني بن والاس

وذكرت أوكرانيا أن قوات روسية سيطرت على محطة زابوريجيا النووية، وهي الأكبر في أوروبا، بعد مهاجمتها في الساعات الأولى من صباح الجمعة، مما أدى إلى اشتعال النيران في منشأة تدريب مجاورة مكونة من 5 طوابق.

ثم بعد ذلك، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بريطانيا، في مقابلة مع التلفزيون الروسي الحكومي، ببناء قواعد عسكرية في أوكرانيا.

وقال رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، في مقال كتبه لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إن زعماء العالم لا بد أن يبذلوا المزيد من الجهود لضمان فشل الهجوم الروسي "المرعب" لأوكرانيا.

وأضاف جونسون: "ليس التاريخ هو الذي سيحكم علينا في المستقبل، بل الشعب الأوكراني".

رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون

وأوضح جونسون ست نقاط يمكن اتباعها من أجل الاستمرار في الضغط على بوتين، والتي تتضمن:

  • حشد زعماء العالم لإقامة "تحالف إنساني دولي" لصالح أوكرانيا.
  • دعم أوكرانيا في الجهود التي تقوم بها للدفاع عن نفسها.
  • تكثيف الضغط الاقتصادي على روسيا.
  • مقاومة المجتمع الدولي "لزحف روسيا في اتجاه تطبيع ما تتخذه من إجراءات في أوكرانيا".
  • استمرار السعي للتوصل إلى حلول دبلوماسية تضع نهاية للحرب، لكن بمشاركة كاملة من الحكومة الشرعية لأوكرانيا.
  • إطلاق حملة سريعة لتعزيز "أمن وقدرات دول حلف الناتو.

مقاومة الأوكرانيين وصد الهجمات

وأشار تقييم يومي تنشره وزارة الدفاع البريطانية على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إلى أن حجم وقوة المقاومة الأوكرانية تستمر في مفاجأة روسيا.

وفي غضون ذلك، حذر وزير الدفاع البريطاني بين والاس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من "اختبار" المملكة المتحدة.

وقال والاس، في مقابلة أجرتها معه صحيفة “صنداي تلغراف” البريطانية: "التاريخ حافل بزعماء سلطويين استهانوا بالغرب الأوسع نطاقا والمملكة المتحدة، ومن الواضح أنه هو أيضا (بوتين) يستهين بالمجتمع الدولي، وإذا وحدنا الصف ورفضنا ممارسات التخويف، أعتقد أن يوتين سيفشل".

وقال ديفيد لامي، وزير خارجية حكومة الظل في بريطانيا، إن حزب العمال يدعم تماما انضمام المملكة المتحدة إلى الجهود الدولية الرامية إلى مساعدة أوكرانيا، لكنه طالب الحكومة بتحركات أسرع في اتجاه فرض عقوبات على الأوليغارش والسياسيين الذين تربطهم علاقات بالكرملين.

وأضاف لامي: "لا أجد عذرا لتخلفنا عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فيما يتعلق بعدد الأشخاص والجهات التي فرضت عليها عقوبات، وعلى الوزراء أن يتحركوا بسرعة أكبر، وأن يتخذوا إجراءات ضد المقربين من بوتين خلال أيام لا شهور".

لذلك، توعدت روسيا بإجراءات قاسية ضد بريطانيا ردا على "هيستيريا العقوبات"، مشيرة إلى أن لندن اختارت بوضوح السير نحو مواجهة مفتوحة مع موسكو.

روسيا تتوعد لبريطانيا 

موازين القوة على أرض المعركة

وفي هذا الصدد، قال خبير العلاقات الدولية، طارق البرديسي، إن تدخل بريطانيا في الأزمة الروسية الأوكرانية سواء في فرض العقوبات أو من خلال دعم أوكرانيا بالسلاح أو التدخل بأي شكل من الأشكال لن يؤثر في موازين القوة على الأرض.

الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية  

وأوضح البرديسي، في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن لروسيا قوتها الخاصة، وبريطانيا بالنسبة لقوتها العسكرية وبعدها الجغرافي لن تستطيع أن تواجه روسيا، والناتو أكد أكثر من مرة منع إرسال قوات وجنود إلى أوكرانيا وأن ما قدموه دعم فقط.

وأكد أن أنتوني بلينكن أقوى وزير خارجية لأمريكا، لم يقدر أن يدخل الأراضي الأوكرانية إلا بشكل رسمي، والتقى نظيره الأوكراني على الحدود البولندية الأوكرانية، وهذا يوضح أن الناتو يخشى من انتقام الروس.

وأضاف أن أوكرانيا أصبحت في عهدة بوتين وهذ أمر منتهٍ، وما تقوم به بريطانيا أمام روسيا هو بالفعل تحصيل حاصل في النهاية والموضوع انتهى بنسبة للقوة على الأرض.

وأشار إلى أنه في الحقيقة يصعب المقارنة بين القوة الروسية والبريطانية، لأن الجيش الروسي يحتل المرتبة الثانية عالميا، والجيش البريطاني يأتي في المرتبة الثامنة بين أقوى 139 جيشا حول العالم.

وتعد بريطانيا ثاني أكبر الدول المشاركة في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إضافة إلى كونها ضمن التحالفات العسكرية بداية من أفغانستان والعراق وقبرص والبلقان والعمليات العسكرية في ليبيا وسوريا.

وتمتلك بريطانيا قواعد عسكرية فيما وراء البحار بداية من جزء الفوكلاند إلى البحرين وسان دييجو وكندا وجبل طارق وكينيا.

قوة الجيش الروسي والبريطاني

وما زالت بريطانيا تمتلك نفوذا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا حول العالم، وهي دولة نووية ورقم 6 حول العالم من حيث ميزانية الدفاع وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي منذ إنشائه، وتصنف بريطانيا على أنها قائدة القوى الناعمة في العالم.

الجيش البريطاني 

أما الجيش الروسي، فيحتل المرتبة الثانية بين أقوى جيوش العالم، حيث يمتلك أكثر من 4173 طائرة حربية، بينها 772 مقاتلة، و739 طائرة هجومية، بالإضافة إلى 1543 مروحية عسكرية منها 538 مروحية هجومية، وتبلغ ميزانية الدفاع ومعدل الإنفاق السنوي للجيش الروسي 154 مليار دولار أمريكي.

وبالنسبة للدبابات، يمتلك نحو 12.420 ألف دبابة، وأكثر من 30 ألف مدرعة، كما يمتلك أكثر من 6574 مدفعا ذاتي الحركة، وحوالي 7571 مدفعًا ميدانيًا، و3991 راجمة صواريخ.

الجيش الروسي أقوى جيوش العالم 

يتكون الأسطول الروسي من 605 قطع بحرية، منها حاملة طائرات وحيدة، و70 غواصة و15 مدمرة، و11 فرقاطة و48 كاسحة ألغام، كما تتمتع روسيا بميزة قوية في مجال الأسلحة بعيدة المدى، حيث تمتلك أكثر من 500 قاذفة صواريخ بالستية أرضية.

ويبرز سؤال بعد كل هذا، هو: “هل تنهي المعارضة البريطانية للحرب في أوكرانيا ما اتفق عليه الزعماء الثلاثة الكبار في مدينة يالطا الروسية قبل 77 عاما؟”.

ففي فبراير عام 1945، التقى ثلاثة رجال في منتجع لتحديد مصير العالم، كانت ألمانيا النازية شبه منهارة، بعد أن طوقت القوات السوفييتية برلين، وعبرت قوات الحلفاء الحدود الغربية لألمانيا، أما في المحيط الهادئ، فكانت القوات الأمريكية تتقدم بثباتٍ نحو اليابان وسط معارك دامية.

وفي الوقت الذي كانت جيوش الحلفاء على وشك الانتصار، اتفق الزعماء، الذين عُرفوا بالثلاثة الكبار، الأمريكي، فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرشل، والسوفييتي، جوزيف ستالين، على الاجتماع في منتجع يالطا السوفييتي، المطل على البحر الأسود.

وبنهاية أكثر الصراعات التي شهدها العالم دموية، أراد الحلفاء منع تكرار ما حدث من دمار، مرة أخرى.

اتفاقية يالطا