EN 
ظاهرة متكررة ومنتشرة يطلقون عليها "المستريح" وهي واحدة من أوجه النصب والاحتيال، وتتخذ من حلم الثراء السريع فخا لإسقاط الضحايا، وستارا لجرائم الاستيلاء على أموال المواطنين، لجهل الضحايا واستغلال قلة منافذ الاستثمار المتاحة لهم، وطمع البعض الآخر في فائدة بنسبة كبيرة على أصل المبلغ المدفوع للجاني.
المستريح.. حالات نصب متكررة
فلا شك أن النصب موجود في كل أنحاء العالم، لكن مصر قصصها متكررة فبين فترة وأخرى، تخرج قصة جديدة عن نصاب تمكن من الحصول على ملايين الجنيهات من ضحاياه ويطلق عليه "المستريح".
وتختلف طرق النصب باختلاف أصحابها والضحايا، فهي ليست واحدة، فهناك نصاب يستثمر الأموال في سوق العملات، وآخر في الذهب، وثالث يحصل على الأموال لتوظيف الشباب في الحكومة وغيرها الكثير.
ولكن الغريب في الأمر أن النصاب أصبح يلقب بـ"المستريح"، حيث تعود هذه التسمية إلى أحد أشهر من عملوا في مجال توظيف الأموال منذ سنوات وهو "أحمد مصطفى المستريح" الذي صدر ضده حكم قضائي بالسجن 15 عاما ورد 266 مليون جنيه للمدعين بالحق المدني وتغريمه 150 مليون جنيه، ليسقط بعدها سلسلة من المتهمين يعملون بنفس طريقته من خلال جمع الأموال من المودعين مع وعدهم بحصولهم على مبالغ شهرية مجزية تتراوح بين 10 و12%، تعينهم على مصاعب الحياة وغلاء الأسعار.
قصة نصب جديدة في أسوان
ومع انتشار حوادث النصب وتكررها وكثرة ضبط رجال الشرطة مرتكبي تلك الجرائم، وقعت قصة نصب جديدة في محافظة أسوان جنوبي القاهرة، وكان مرتكبها "سائق توك توك" استولى على ما يقرب من ملياري جنيه من الأهالي في مدة شهر ونصف الشهر فقط.
وقد داهمت قوات الشرطة، أمس الأربعاء، منطقة سكن المتهم، الذي يدعى مصطفى البنك، للقبض عليه ولكن لم تصدر أية أنباء عن ضبطه حتى الآن.
مصطفى البنك المتهم بالنصب والاحتيال على أهالي أسوان هو شاب لا يتجاوز عمره 35 عاما ومسجل "خطر"، وكان محكوما عليه من قبل في عدة قضايا، ولكنه قضى عقوبته وخرج من السجن في الفترة الأخيرة.
وبدأ النصاب مصطفى يعلن في القرية التي يتبعها 14 نجعا أخرى أنه سيقوم بتشغيل الأموال لمن يريد ذلك، وأن من يعطيه مبلغا ماليا سيرده له بعد فترة 21 يوما مضاعفا.
وذكر أحد ضحايا النصب، أن طريقة المستريح الجديد في النصب كانت مبتكرة بعض الشيء، حيث إنه لم يكن يحصل من الناس على أموال نقدية بل كان يشتري منهم مواشيهم، ولكن لم يكن يعطيهم مقابل البيع في وقتها بل كان يطلب منهم ترك المبلغ لفترة 21 يوما ليحصلوا عليه مضاعفا من الأرباح التي سيقوم بتشغيل أموالهم بها.
ذكاء المستريح في كسب الثقة
وبالفعل التزم المستريح برد الأموال مضاعفة لأول مجموعة أعطته مواشيها، وبدأ اسمه ينتشر في المحافظة كلها، وفي أقل من شهر أصبح معظم أهالي أسوان يأتون إليه ويرجونه لأخذ مواشيهم وتشغيل أموالهم وإعطائهم الأرباح بعد 21 يوما.
وبدأ النصاب في تشغيل العديد من أقاربه معه كمندوبين عنه، وكل مندوب مسئول عن جمع المواشي والأموال من قرية أو من نجع أو من منطقة، وهذا المندوب هو المسئول أمام أهل هذه المنطقة ويسألونه عن رد أموالهم بالأرباح المضاعفة بعد مرور فترة 21 يوما على تسليمها.
وكل مندوب كان يحصل على أجر يومي من المستريح الجديد يصل لأكثر من 5 آلاف جنيه، مما جعل مئات الشباب يسعون إلى العمل معه وجلب مزيد من الضحايا له، حتى أن هناك أشخاصا قلدوه وظهر في المنطقة أكثر من 12 مستريحا آخرين.
وأعلن أحد ضحايا المستريح في أسوان، أن يوم الاثنين الماضي شهد مقتل أحد هؤلاء المستريحين الجدد فبدأت القصة تأخذ منى آخرا، وبدأ بعض الناس يخافون على أموالهم، فضلا عن أن المستريح الأساسي مصطفى البنك تأخر في رد الأموال وأرباحها لمستحقيها في الموعد المحدد وزادت الفترة على 21 يوما حتى وصلت إلى 45 يوما.
ولما بدأ الناس يغضبون من هذا التأخير وذهبوا لبيت المستريح، رد عليهم بالقول إن "من يعملون معه نصبوا عليه هو نفسه وأخذوا الأرباح"، ووعدهم برد أصول المبالغ التي حصل عليها منهم خلال يومين، فوافقوا.
وكان المتهم بالفعل صور فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر فيه مواكب سيارات قال إنها تنقل الأموال وفي طريقها لمستحقيها، ولكن اتضح أنه كان يقوم بمناورة للهرب.
حالة الاحتقان زادت عن الحد وبدأ الأهالي في التجمهر أمام منزل المستريح، ولكن الشرطة حضرت وسيطرت على الموقف وبدأت في هدم الأحواش التي كان يضع فيها المواشي، ولم تنته فصول القصة بعد، حيث ينتظر الإعلان الرسمي عن ضبط المستريح وتفاصيل المبالغ التي جمعها من الناس.
استشهاد ضابطي شرطة ومجندين خلال مطاردة مستريح أسوان
وسادت حالة من الحزن على مواقع التواصل الاجتماعي بعد سماع خبر استشهاد لواءين ومجندين بالطريق الصحراوى بإدفو، حيث شهد الطريق الصحراوي بمركز إدفو شمال محافظة أسوان، استشهاد لواءي شرطة ومجندين إثر انقلاب سيارة أمن عام، وذلك بعد عودتهم من تأدية عملهم بمركز إدفو، متوجهين إلى مدينة أسوان، وعلى الفور تم نقل المتوفين إلى مشرحة إدفو العمومية، وذلك لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
تلقى اللواء هشام سليم، مدير أمن أسوان، إخطارا يفيد بمصرع ضابطين، هما اللواء منتصر عبد النعيم، وكيل الإدارة العامة للأمن والتحريات بوزارة الداخلية، واللواء أحمد محيي، مساعد منطقة جنوب الصعيد لقطاع الأمن، ومجندين هما: أحمد صديق، وسعودي شعبان، وذلك أثناء عودتهم من عملهم.
ولم تكن حالة النصب والاحتيال التي تعرض لها أهالي أسوان، الأولى، حيث سبقتها حالات أخرى، ويستعرض "موقع صدى البلد"، أبرز المستريحين النصابين على جموع الشعب:
مليار و500 مليون جنيه
- كان أشهر المستريحين هو مستريح المنيا فهو نصاب تمكنت قوات الأمن من القبض عليه بعد أن تمكن من جمع مليار و500 مليون جنيه من المواطنين بحجة الاستثمار في الرخام وتصديره للصين دون رجوع الحق إلى أصحابه.
- وقد سبقتها أيضا جرائم أخرى، حيث تمكنت مباحث الأموال العامة من ضبط امرأة حاصلة على دبلوم مقيمة بمنطقة عين شمس بالقاهرة استولت على مليوني جنيه من ضحاياها بغرض توظيفها بالمخالفة لأحكام القانون، حيث أقرت بتحصيلها للأموال بدعوى استثمارها في مجال تجارة الأحذية، مقابل أرباح متفق عليها فيما بينها وبين الضحايا، وقيامها بالاستيلاء على تلك الأموال وامتنعت عن سداد الأرباح أو رد أصل المبالغ.
- وأيضا نجحت الإدارة في ضبط شخص مقيم بمحافظة القاهرة، لاتهامه بتلقي مبالغ مالية من 4 مواطنين بلغت 3 ملايين جنيه، بدعوى توظيفها في مجال تجارة الأسمنت، مقابل أرباح كبيرة، إلا أنه قام بالاستيلاء على تلك الأموال لنفسه، ولم يرد أصل المبلغ وامتنع عن سداد الأرباح المتفق عليها.
- وفي الإطار ذاته، نجحت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، بالتنسيق مع مديرية أمن سوهاج، في ضبط شخص مقيم بمحافظة سوهاج، لاتهامه بالنصب والاحتيال على المواطنين، واستيلائه من 5 مواطنين على أكثر من 1.5 مليون جنيه، بدعوى توظيفها في مجال السياحة، مقابل أرباح مجزية بصفة شهرية، إلا أنه توقف عن السداد ورفض رد أصل المبالغ المالية المستولى عليها.
- ونجحت الإدارة في ضبط شخص آخر مقيم بمحافظة سوهاج، لاتهامه بتلقي مبالغ مالية مختلفة بلغ إجماليها مليون وخمسة وعشرين ألف جنيه من 5 أشخاص، بزعم استثمارها وتوظيفها لهم في مجال تجارة الأراضي والاستثمار العقاري مقابل أرباح مجزية، إلا أنه توقف عن السداد ورفض رد أصل المبالغ المالية المستولى عليها.
- كما تم ضبط مدير إحدى شركات التوكيلات التجارية مقيم بمحافظة سوهاج، لقيامه بالاستيلاء على مبالغ مالية من 13 مواطنا بسوهاج بلغ إجماليها 17 مليون جنيه، بزعم توظيفها واستثمارها في مجال تجارة المنظفات ومستحضرات التجميل مقابل حصولهم على أرباح شهرية إلا أنه توقف عن سداد الأرباح المتفق عليها وامتنع عن رد أصل المبالغ المالية.
- تمكنت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، بالتنسيق مع مديرية أمن الإسكندرية، من ضبط أحد الأشخاص، مقيم بمحافظة الإسكندرية، بتلقى مبالغ مالية بقيمة 2 مليون جنيه من 4 موظفين، بزعم توظيفها واستثمارها لهم في مجال تجارة مستحضرات التجميل مقابل حصولهم على أرباح شهرية من قيمة رأس المال إلا أنه توقف عن السداد ورفض رد أصل المبالغ المالية المستولى عليها.
- ونجحت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة في ضبط موظف بإحدى شركات مستحضرات التجميل مقيم بمحافظة قنا لاتهامه بالاستيلاء على مبالغ مالية بقيمة 10 ملايين جنيه من 18 موظفا بزعم توظيفها واستثمارها لهم إلا أنه امتنع عن تسديد الأرباح المتفق عليها، ورد أصل المبلغ المستولى عليه.
- ونجحت الإدارة بالتنسيق مع مديرية أمن المنصورة من ضبط شاب (حاصل على بكالوريوس) لاتهامه بالاستيلاء على 12 مليون جنيه من بعض التجار «مقيمين بدائرة مركز كفر سعد بدمياط» لاستثمارها في مجال تجارة المواد الغذائية إلا أنه لم يفِ بذلك أو يقوم برد تلك المبالغ.
- وفي سبتمبر 2017، تم القبض على عصابة أخرى في الدقهلية استولت على 6 ملايين جنيه من المواطنين، وفي مايو نفس العام تم القبض على نصاب "Vip" استولى على 120 مليون جنيه من أصحاب معارض سيارات، وفي يناير من نفس العام تم القبض على نصاب استولى على 30 مليون جنيه من 28 مواطنا.
وتمثل سلسلة القضايا المثارة على الساحة حاليا إعادة إنتاج لما يسمى “شركات توظيف الأموال” التي وقع الكثير من المواطنين ضحية لها مع إلقاء القبض على أصحابها لتظهر بطريقة أخرى في الوقت الحالي مع تردي الأحوال الاقتصادية وحلم الكثير من المصريين بالهروب من شبح الفقر.
جدير بالذكر أن هناك قانونا شرع في 1988 لحماية المواطنين من شركات توظيف الأموال وتوقيع العقوبة على أصحاب تلك الشركات، لكن "طمع" المواطنين سمح بظهور أشخاص يعملون في الخفاء للنصب عليهم، فعقوبة النصاب أو "المستريح" تتراوح من 5 إلى 10 سنوات فقط.
