الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد رحيله..

.سمير الفيل لـ صدى البلد|سعد عبدالرحمن اهتم بالشعراء الصعاليك وسنفتقد وجوده

صدى البلد

رحل عن عالمنا يوم السبت الماضي الشاعر سعد عبدالرحمن الرئيس الأسبق لهيئة قصور الثقافة، بعد رحلة عطاء طويلة، حيث نعاه المثقفون في مصر والوطن العربي، بسبب جهوده المختلفة في الثقافة العربية

 

القاص والروائي سمير الفيل تحدث لـ صدى البلد عن بداية معرفته بالشاعر الراحل وقال:" تعرفت على سعد عبدالرحمن لأول مرة في أجواء الاحتفال بنتائج حرب أكتوبر المجيدة 1973، في أول مسابقة تنظمها الثقافة الجماهيرية عن بطولات المحارب المصري بسيناء، وذلك في السنة التالية للحرب مباشرة؛ أي عام 1974، ( كان يومها شابًا في العشرين، فهو من مواليد 1954) حيث فزنا بجوائز أولى في القصة القصيرة، وكان قادمًا من دائرة شعر الفصحى، وكنت قد قدمت بدوري من حقل شعر العامية، وحينها تم توزيع الجوائز في مسرح السام، وتولى توزيع تلك الجوائز يوسف السباعي، وزير الثقافة المصري. ومن ذكرياتي أن الكاتب المسرحي الراحل يسري الجندي هو الذي كان في استقبالنا،  وطلب بياناتنا، وكنا وقتها غير معروفين، نتحسس موقع أقدامنا".

مساهمات سعد عبدالرحمن 

 

وتابع سمير الفيل قائلًا:" بعدها كنت اقرأ له ولعدد من كتاب جيله في مجلات تلك الفترة مثل مجلة الكاتب، والطليعة، والثقافة، والهلال، وقد لفت نظري وقتها شعراء الصعيد، ومنهم: درويش الأسيوطي، ومصطفى رجب، وعزت الطيري، ونصار عبدالله، ومحمد أبودومة، وجميل عبدالرحمن، ومنير فوزي في شعر الفصحى، أما بالنسبة لشعر العامية فهناك، عبدالستار سليم، حجاج الباي، ومحمد هاشم زقالي، وفنجري التايه، وغيرهم.

واستطرد: انتقل سعد عبدالرحمن من وظيفته كمدرس إلى الثقافة الجماهيرية، حيث عقد لقاءات شعرية بالجامعة وأيضًا  وداخل قصور الثقافة، وقد لفت أنظارنا في ذلك الوقت تعلقه بالتراث الشعري العربي، والذي ترك فيه بصمته من خلال مساهمات عديدة.

 

سمير الفيل: سعد عبدالرحمن اهتم بالشعراء الصعاليك

 

وأضاف سمير الفيل: سعد عبدالرحمن كان عصاميًا في تكوينه الثقافي وكان مثله الأعلى هو عباس محمود العقاد، والذي حاول أن يجدد في قصائده، وانعكست جديته على تشكيلاته الشعرية وأظن أنه كان فاعلًا ثقافيًا حقيقيًا في تلك الفترة المبكرة، وهو ما انعكس على كتاباته التي تعانق فيها الشعر مع فنون السرد «أذكر أنه حين صار من قيادات هيئة قصور الثقافة، وكنت عضوًا منتخبا بأمانة مؤتمر أدباء مصر، كنا نعقد بمكتبه بعمارات العرايس في شارع القصر العيني  جلسات للحوار الثقافي والتناول النقدي لشعراء كبار من المدارس الشعرية في العصور المختلفة مثل "الجاهلي، الأموي، العباسي، وصولًا إلى شعراء مدرسة المهجر والديوان وأبوللو، فخلال إحدى السهرات الرمضانية بمكتبه وجدته مولعًا بإلقاء قصائد للمتنبي والبحتري وبشار بن برد كما كان مهتمًا بالشعراء الصعاليك، وأتصور أنه كان يمتلك ذاكرة قوية تجلت في حفظه مئات الأبيات شارحًا إياها بقدر كبير من الفهم والاستبصار والذوق الرفيع».

نشاط سعد عبدالرحمن

 

وأكمل: حين أصدرنا مجلة "رواد" في السبعينيات كان من الأقلام التي استجابت لنا بإرسال قصائدهم للنشر في تلك المطبوعة التي كانت تصدر كنشرة فقيرة تضم أقلام موهوبة من مختلف أقاليم مصر، في المقابل كان يرسل لنا أعدادًا من مجلة تصدر بأسيوط وهي مجلة اللقاء، وبعدها سافر سعد عبدالرحمن للعمل بدولة الإمارات العربية، وواصل نشاطه الثقافي بها، وكنا نعرف أخباره من صديقنا الشاعر مصطفى العايدي الذي كان يعمل بمدينة العين الإماراتية، وقد أطلعنا في ذلك الحين على ما كان يقوم به من نشاط كبير دون أن يركن للراحة فالعمل الثقافي يجري في دمه، وحين عاد كان يواصل مشواره بقدر كبير من الانفتاح على حقول معرفية جديدة، ورغبة في التعرف على الأجيال الجديدة، وهو الشئ الذي أثر في كل من قابله وتعامل معه حيث كان يتميز بالصدق والأمانة العلمية، والوقوف بجانب المواهب الحقيقية كما أنه دعم كافة مشاريع النشر وانتقل بها إلى الأمام حيث ضرب مثالًا في النزاهة والعطاء والرغبة في الإنجاز دون تبديد أموال الدولة في أمور شكلية، لا طائل من وراءها ، ففي الفترة التي ترأس فيها هيئة قصور الثقافة مارس 2011 تميز في تلك المرحلة الدقيقة بالوعي والقدرة على إدارة الأمور بشكل يجمع بين الحنكة والخبرة، وقوة الإرادة.

 

سمير الفيل.. لقاء أخير

 

وعن آخر لقاء جمعهما قال سمير الفيل: أخر مرة التقيت فيها بسعد عبدالرحمن كان ذلك في 2 يونيو 2022 وحينها كرمت دائرة الثقافة بإمارة الشارقة عددًا من الكتاب وكنت واحدًا منهم وهم الدكتور محمد عناني، والدكتور يوسف نوفل، وصفاء عبدالمنعم، وقد وقف معنا خلال الاحتفال الذي أقيم بمقر المجلس الأعلى للثقافة ليشد على أيدينا ويبارك لنا هذا التكريم وكانت فرحته حقيقية ونابعة من القلب فهو يعرف المشوار الذي قطعه الكتاب المكرمين، وكان لديه من الأصالة وحب الزملاء ما يجعله فخورًا بهم.

لكن بشكل عام لو أردت تلخيص مسيرة سعد عبدالرحمن في سطور يمكننا أن نقول أنه شاعر مصري معاصر، يكتب ما يعتقده، وهو صاحب مواقف وطنية مشهودة، وقلمه عفيف، وخصوماته شريفة، وهو ابن أصول، وهي صفة تكاد أن تغيب عن المشهد الثقافي بعد التحولات التي ضربت البنية المجتمعية.

 

وأنهى سمير الفيل حديثه وقال: سلامًا على روحك أيها العروبي، الوطني، المثقف، النزيه.