الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العدوان الإسرائيلي على غزة.. هل يتحمل الاقتصاد العالمي المنهار بالفعل حربا جديدة؟

تأثير الحرب في غزة
تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد العالمي

يمر اقتصاد العالم بأزمة طاحنة، وكان من أسبابها الرئيسة الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا ومع توتر الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ربما يكون هناك مزيد من المتاعب والأزمات للاقتصاد العالمي.

الأسرة الدولية تكثف مساعيها الدبلوماسية لوقف التصعيد العسكري بين  الفلسطينيين والإسرائيليين
تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد العالمي

تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد العالمي

تعد منطقة الشرق الأوسط من المناطق الهامة والحيوية على مستوى العالم ولها تأثير كبير على المستوى العالمي، وتهدد الحرب في الشرق الأوسط بدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود. وقد أضاف هذا مصدر قلق آخر إلى قائمة المخاوف المتزايدة لدى المستثمرين حول ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة.

وحذر وزراء مالية ومسؤولون وخبراء من أن شبح اندلاع صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط "يشكل تهديداً جديداً للاقتصاد العالمي"، بعد تفاقم المواجهات العسكرية بين حركة حماس في غزة والجيش الإسرائيلي، وسط ترقب لمعرفة ما إذا كان هذا التصعيد سيجذب دولاً أخرى ويرفع أسعار النفط.

ورغم ما بدا من تعافي العالم من الصدمات الناجمة عن فيروس كورونا "كوفيد-19" والحرب في أوكرانيا، إلا أن التطورات الأخيرة تضع المزيد من الأعباء على كاهل الاقتصاد العالمي، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

وقالت شركة ستاندرد آند بورز الأمريكية: “إن اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في الشرق الأوسط يزيد من الضغط على التقييم العالمي للمخاطر الجيوسياسية، مضيفة أن الحرب في الشرق الأوسط تزيد توتر العلاقات الدولية الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا والعلاقات المتوترة بين الصين والولايات المتحدة”.

وأضافت أن الخطر الرئيسي في حالة أي تصعيد في حرب إسرائيل وحماس هو احتمال حدوث صدمة في إمدادات الطاقة مما قد يؤجج التضخم ويؤثر على النشاط الاقتصادي، وأن الصراع في الشرق الأوسط من المرجح أن يقتصر إلى حد كبير على إسرائيل وغزة، مما يحد من التأثير الجغرافي والائتماني للصراع.

وأشارت إلى أن الحرب بين إسرائيل وحماس مثبط إضافي لأنشطة الأعمال العالمية وثقة المستهلكين لافتة إلى أن قطاعا السفر والسياحة قد يعانيان وسط مخاوف من امتداد الصراع في الشرق الأوسط إلى مناطق أخرى.

وقال وزراء ومسؤولون، في ختام اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بالمغرب، السبت، إن اتساع نطاق التوترات في المنطقة ستكون له تداعيات اقتصادية كبيرة.

وتزامنت الاجتماعات، التي تُعقد بشكل نصف سنوي، مع إعلان إسرائيل الحرب على حركة "حماس" وشنّها قصفاً عنيفاً على قطاع غزة، رداً على هجمات نوعية وغير مسبوقة نفذتها حماس، وفصائل فلسطينية أخرى، في 7 أكتوبر الجاري.

وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير للصحيفة: "إذا واجهنا أي تصعيد في الصراع، أو امتداده إلى المنطقة بأكملها؛ فسنواجه عواقب وخيمة"، مضيفاً أن المخاطر تتراوح بين ارتفاع أسعار الطاقة و"تراجع الثقة".

وحذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا من "سحابة جديدة تخيّم على الآفاق القاتمة للاقتصاد العالمي"، ما يعكس المخاوف من أن تكون آفاق الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط "قاتمة".

وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، وصف الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورجان" الأميركي جيمي ديمون الوقت الراهن بأنه "أخطر فترة يشهدها العالم منذ عقود".

ومن جانبه، قال استراتيجي الأسعار العالمية في "كولومبيا ثريدنيدل"، إد الحسيني، إن تدهور البيئة الاقتصادية الكلية، إلى جانب التقلبات الحادة في أسعار الفائدة، "مهد الطريق" لتزايد التقلبات العالمية.

وأضاف الحسيني، أن المستثمرين العالميين يراقبون عن كثب ما إذا كانت الحرب بين إسرائيل وحماس ستمتد إلى بقية المنطقة، ولكن، في الوقت الحالي، يظل المستثمرون أكثر تركيزا فيما يتعلق بقرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي المتعلقة بالفائدة.

ويضغط التصعيد بين إسرائيل وحماس على الأسواق مع زيادة المخاطر الجيوسياسية، وسط حالة ترقب واسعة في صفوف المستثمرين، انتظاراً لمآلات الوضع، وفي ضوء حالة عدم اليقين التي تفرض نفسها على المشهد، والسيناريوهات المختلفة المحتملة بما في ذلك سيناريو الاجتياح البري.

فيما أجلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الأحد، الإعلان عن التصنيف الائتماني الجديد لإسرائيل، وذلك بسبب استمرار العمليات العسكرية. وكانت الوكالة قد ذكرت الأسبوع الماضي، إن التصعيد الحالي في غزة، ستختبر مرونة الاقتصاد الإسرائيلي.

وضعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف الديون السيادية لإسرائيل "A+" تحت المراقبة السلبية الثلاثاء، وعزت قرارها إلى تزايد خطر اتساع نطاق الصراع.

وذكر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" أن المخطَّط الأوّلي للهجوم البري على غزة كان في نهاية الأسبوع، بينما قال ثلاثة مسؤولين إسرائيليين كبار، لم تذكُر أسماءهم، إن هذا سيتأجَّل لأيام؛ لأن "تراكم الغيوم يصعّب مهمة الطيران الحربي والطائرات المسيّرة في توفير الغطاء الجوي للقوات الأرضية".

لكن محللين واستراتيجيين أرجعوا ذلك إلى "الكلفة الباهظة" التي قد تتكبدها إسرائيل جراء الاجتياح البري، وهو ما أشار إليه الخبير الاستراتيجي المصري المدير السابق لإدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، اللواء سمير فرج، والذي ذكر في تصريحات إعلامية له أنه "لو قامت إسرائيل بهجوم بري على غزة ستكون التكلفة والخسائر مرتفعة وتل أبيب ستفكر ألف مرة قبل القيام بهذه الخطوة".

غزة: غارات إسرائيل في مايو/أيار على الأبراج | Human Rights Watch
تأثير الحرب في غزة على الاقتصاد العالمي

3 سيناريوهات للحرب

وهناك 3 سيناريوهات قد تساعد في توضيح المسارات المستقبلية المحتملة للاقتصاد العالمي بحسب تطور الاشتباكات. تأتي كالتالي:

- السيناريو الأول: 

 في عام 2014، كان اختطاف وقتل ثلاثة إسرائيليين على يد حماس هو الدافع وراء الغزو البري لقطاع غزة الذي خلف مقتل أكثر من ألف شخص. ولم تتوسع الاشتباكات خارج الأراضي الفلسطينية، وكان تأثيره على أسعار النفط والاقتصاد العالمي ضعيفا.

وبحال فرضت أميركا عقوبات على إيران دون تدخل طهران رسميا الحرب، فقد تشهد الأسواق زيادة أسعار النفط ما بين 3 إلى 4 دولارات، وذلك بحال تأثر إنتاج طهران النفطي بعد زيادة بما يصل إلى 700 ألف برميل يوميا هذا العام.

وبحسب "بلومبرغ"، سيكون التأثير على الاقتصاد العالمي في ظل هذا السيناريو ضئيلًا، خاصة إذا قامت دول أخرى من "أوبك" بتعويض البراميل الإيرانية المفقودة باستخدام طاقتهما الاحتياطية.

- السيناريو الثاني: 

بحال امتد الصراع إلى لبنان وسوريا، فيزيد ذلك من احتمال نشوب صراع مباشر بين إسرائيل وإيران وسوف ترتفع التكلفة الاقتصادية، مما سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع أسعار النفط، بحسب "بلومبرغ".

وقفز سعر النفط الخام بمقدار 5 دولارات للبرميل خلال الحرب ما بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006. علاوة على الصدمة الناجمة عن سيناريو الحرب المحصورة، فإن أي تحرك مماثل اليوم من شأنه أن يرفع السعر بنسبة 10% إلى نحو 94 دولارا.

ويأتي التأثير الاقتصادي العالمي في هذا السيناريو من صدمتين: قفزة في أسعار النفط بنسبة 10%، وتأثر الأسواق المالية تزامنا بالمخاطر التي تشابه ما حدث خلال الربيع العربي، حيث لا يستبعد التقرير أن يشهد العالم احتجاجات شبيهة بالربيع العربي بحال تفاقمت الحرب.

وتمثل التداعيات باندلاع احتجاجات أوسع نطاقا زيادة ثماني نقاط في مؤشر التقلبات "VIX".

ويمثل هذا السيناريو بانخفاض النمو العالمي في العام المقبل بنسبة 0.3 نقطة مئوية أي نحو 300 مليار دولار، وهو ما من شأنه أن يبطئ وتيرة النمو إلى 2.4%. وباستثناء أزمة كوفيد 2020 والركود العالمي في عام 2009، سيكون هذا هو الأضعف منذ ثلاثة عقود.

كما أن ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يضيف نحو 0.2 نقطة مئوية إلى التضخم العالمي، مما يبقيه بالقرب من 6%، ويواصل الضغط على محافظي البنوك المركزية لإبقاء السياسة النقدية متشددة حتى في ظل النمو المخيب للآمال.

- السيناريو الثالث: 

إن الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل هو سيناريو منخفض الاحتمال، ولكنه خطير. ويمكن أن يكون سببا لركود عالمي. ومن شأن ارتفاع أسعار النفط وانخفاض الأصول الخطرة أن يوجها ضربة قوية للنمو الاقتصادي العالمي، مما قد يعني ارتفاع التضخم.

وقد لا يتضاعف سعر النفط الخام أربع مرات، كما حدث في عام 1973 عندما فرضت الدول العربية حظراً على النفط رداً على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في الحرب ذلك العام. ولكن إذا بدأت كل من إسرائيل وإيران بشن الصواريخ على بعضهما البعض، فقد ترتفع أسعار النفط بما يتماشى مع ما حدث بعد غزو العراق للكويت عام 1990. فإن ارتفاعاً بهذا الحجم قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل.

وقد لا تستطيع الطاقة الإنتاجية الفائضة في دول "أوبك" ومنها السعودية والإمارات يإنقاذ الموقف، بحسب "بلومبرغ" خاصة إذا قررت إيران إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره خمس إمدادات النفط العالمية اليومية. سيكون هناك أيضا زيادة في نسبة تخارجات من الأصول عالية المخاطرة في الأسواق المالية، ربما يمكن مقارنته بارتفاعات مؤشر "VIX" في عام 1990 عند 16 نقطة حينها.

وبإضافة هذه الأرقام، يتوقع نموذج "بلومبرغ إيكونوميكس" انخفاضًا بمقدار نقطة مئوية واحدة في النمو العالمي، مما يؤدي إلى انخفاض إلى 1.7% لعام 2024.

ومع استبعاد صدمات كوفيد والأزمة المالية العالمية، سيكون هذا أيضا أسوأ نمو منذ عام 1982، وهي الفترة التي رفع فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لاحتواء التضخم الناتج عن الصدمة النفطية في السبعينيات.

كما أن صدمة نفطية بهذا الحجم من شأنها أن تعرقل الجهود العالمية لكبح جماح الأسعار، مما يترك معدل التضخم العالمي عند 6.7% في العام المقبل. وفي الولايات المتحدة، سيظل هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 2% بعيد المنال، وسوف يشكل البنزين الباهظ الثمن عقبة أمام حملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن.