الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نقطة الصفر من جديد..هل المجتمع الدولي ملزم بإجبار إثيوبيا على احترام حقوق مصر

سد النهضة
سد النهضة

لا يتوقف الحديث عن المشكلات التي يواجهها مشروع سد النهضة منذ عملت إثيوبيا على إنشائه في أبريل عام 2011، ودخلت القاهرة المفاوضات الأخيرة وهي تدرك أن التوصل إلى نتائج إيجابية عملية صعبة نتيجة تعنت الجانب الإثيوبي.

سد النهضة 

رفض إثيوبيا الأخذ بحلول وسطى

وكانت ذكرت وزارة الري عقب اجتماعات شهدتها أديس أبابا في سبتمبر الماضي أن إثيوبيا تراجعت عن توافق سبق التوصل إليه بين الدول الثلاث ورفضت الأخذ بحلول وسطى.

وأعلنت، أمس، وزارة الموارد المائية والري المصرية، انتهاء مفاوضات سد النهضة المنعقدة في أديس أبابا بين مصر والسودان وإثيوبيا الذي سبق إطلاقه في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في ظرف أربعة أشهر.

ولم يسفر الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة عن أية نتيجة نظرا لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي إثيوبيا في النكوص عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة.

 مصر والدفاع عن أمنها المائي والقومي

كما بات واضحًا عزم الجانب الإثيوبي على الاستمرار في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي، بحسب ما ذكر بيان مجلس الوزراء.

وعلى ضوء هذه المواقف الإثيوبية تكون المسارات التفاوضية قد انتهت، وأكدت مصر أنها سوف تراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأن مصر تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حاله تعرضه للضرر.

وزارة الموارد المائية والري

لا تنازل عن متر واحد مكعب من المياه

ومن جانب ذلك، علق الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، على انتهاء الجولة الرابعة والأخيرة من مفاوضات سد النهضة والفشل في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل.

وقال سويلم ـ خلال مداخلة تلفزيونية، إنه لا يوجد تفاوض أو إجراءات جديدة في هذا المسار خلال المرحلة الراهنة.

وأضاف: كان هناك بيانا رئاسيا قبل 4 أشهر بشأن جولة المفاوضات الأخيرة، وكانت هناك مؤشرات إيجابية وقلنا حينها إننا في تفاؤل حذر لأننا نعلم جيدا على مدى التاريخ طرق التفاوض مع إثيوبيا والمراوغات والتلاعب التي اتخذتها على مدار 12 سنة ومع ذلك قلنا نبدأ صفحة جديدة.

وتابع: دخلنا الغرف المغلقة، وهنا ظهرت المفاجآت من عدة أمور وهي رفع السقف التفاوضي.

وعن معنى رفع السقف التفاوضي من الجانب الإثيوبي قال وزير الري: في الاجتماع الأول في الجولة الأخيرة اختلفت الأرقام عما وصلنا إليه في المسارات التي سبقت الجولة الأخيرة، منوها أن الصياغات نفسها بدأت تتغير مع طرح موضوعات كانت خارج التفاوض.

وواصل: مثلا على صعيد تغيير الصياغات، فنحن نتفاوض على سد وحيد اسمه سد النهضة من جهة الملء والتخزين، وفوجئنا بالزج بموضوعات أخرى مثل المشروعات المستقبلية والتنمية المستقبلية، إضافة إلى أمور تم الزج بها في الغرف المغلقة غير مقبولة من الجانب المصري.

ولفت إلى أنه تم تغيير الأرقام التي تؤمن الأمن المائي المصري في حالة الجفاف، وهو أمر لم يكن مقبولا لأننا كوفد تفاوضي مكلفين من قبل الدولة المصرية بحماية حقوق المصريين ولا نستطيع التنازل عن متر واحد مكعب من المياه.

وأشار إلى زج الجانب الإثيوبي ببعض النصوص المطاطة التي لا تعني الكثير ولا تعطي الهدف المطلوب، مثل وضع بعض النقاط التي تمنح الجانب الإثيوبي الحق في تغيير الأرقام مستقبليا بشكل منفرد، وهذا كان مرفوضا شكلا وموضوعا.

وأكد أن مصر لا تستطيع التوقيع أو النظر في اتفاقية يقوم فيها أحد الأطراف بالتعديل في نصوصها وأرقامها بشكل منفرد مستقبلا دون الرجوع للطرف الآخر، وهذا غير موجود في أي دولة في العالم.

وزير الموارد المائية والري

استغلال كل الخيارات التي تمكنها لحماية أمنها 

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية، أن احتفاظ مصر بحقها المائي تعني أن مصر لديها كافة الخيارات في الحفاظ على أمنها المائي باعتباره جزء من الأمن القومي المصري، وأن مسالة المياه بالنسبة لمصر هي حياة ووجود كما أكد الرئيس السيسي في كلمته في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

وأوضح سيد ـ في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن مصر لن تفرط في حقوقها المائية لان مصر تعتمد بشكل كبير على مياه نهر النيل، فالتعنت الإثيوبي يمثل عقبة في تجاه التعاون المشترك تجاه تنيمة وتحقيق الازدهار ويزيد من تعقيد الامور، وبالتالي مصر هنا لديها كل البدائل التي تمكنها من الحفاظ على أمنها المائي.

وتابع: مصر حتى اللحظات الاخيرة ومنذ سنوات وهي متمسكة بالخيار الدبلوماسي وبالحوار والتفاوض من أجل التوصل الي اتفاق قانوني وملزم بشان قواعد ملئ وتشغيل سد النهضة بما يحفظ مصالح مصر المائية وكذلك السودان.

وواصل: ولكن المشكلة تظل في الجانب الإثيوبي ، فالمفوضات الاخيرة دون تقدم يعكس هذا التعنت الإثيوبي ويعكس عدم وجود رغبة حقيقية لدى الجانب الإثيوبي في التوصل الي اتفاق ملزم لحل مشكلة سد النهضة، وبالتالي هذا يعني مصر لن تقف مكتوفة الايدي وتستغل كل الخيارات التي تمكنها لحماية لمنها المائي وأمنها القومي. 

 الدكتور أحمد سيد أحمد

حق مصر المشروع في الدفاع عن أمنها

كما علق الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام، والأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، على فشل الجولة الرابعة من المفاوضات بشأن سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، مؤكدا حق مصر المشروع في الدفاع عن أمنها المائي وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

وقال مهران ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن المادة 51 تنص على أنه ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة.

ولفت إلى أن مصر قد استنفدت كافة الوسائل والسبل الدبلوماسية طوال السنوات الماضية من أجل التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بما يراعي المصالح المائية لمصر والسودان وإثيوبيا، إلا أن المفاوضات تعثرت واصطدمت بالتعنت والإصرار الإثيوبي على فرض الأمر الواقع بإقامة المشروع دون التقيد بأي التزامات تجاه دولتي المصب.

وأشار إلى أن سلوك إثيوبيا غير القانوني وتهاون المجتمع الدولي أدى إلى الوصول لهذه المرحلة الحرجة والخطيرة التي تهدد أمن مصر المائي، بما يفرض عليها اللجوء لحقها المشروع في الدفاع عن نفسها.

وأوضح أن مصر ظلت حتى اللحظة الأخيرة تدعو إلى ضرورة التوصل لتسوية تفاوضية توافقية ودية تعالج كافة مخاوف الدول الثلاث، إلا أن تمنع إثيوبيا وتهربها من توقيع اتفاق ملزم أرغم مصر على تغيير خطابها.

وأكد أنه يحق لمصر اتخاذ كافة التدابير اللازمة لرد العدوان الوشيك الذي سيلحق بها جراء سد النهضة في حالة تمادي إثيوبيا في سلوكها غير القانوني ورفضها التوقيع على اتفاق ملزم.

وأضاف أن مصر تمتلك الحق المشروع في الدفاع عن نفسها باعتبار أن أمنها المائي القومي مهدد بالخطر الداهم جراء إنشاء سد النهضة وتشغيله دون اتفاق يحفظ حقوق دولتي المصب، محذرا "أياً كانت النتائج"، داعياً المجتمع الدولي إلى إلزام إثيوبيا باحترام القانون الدولي وعدم المساس بحقوق مصر المكتسبة والتاريخية وتوقيع اتفاق قانوني ملزم ينظم قواعد تشغيل السد بما يضمن حصص مياه مصر والسودان.

الدكتور محمد محمود مهران

هدف إثيوبيا من فشل المفاوضات 

ومن جانبه، قال الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا تراجعت عن اتفاقاتها السابقة وأعادتنا إلى نقطة الصفر من جديد.

وأضاف أن إثيوبيا اقتربت من ملء سد النهضة وخزنت نحو 41 مليار متر مكعب من المياه.

وأكد أن يصبح سد النهضة أمرا واقعا يجعل من الممكن أن تعلن أديس أبابا انشاء سدا جديدا غدا، وهذا ما تستهدفه إثيوبيا.

وأشار إلي أنه كلما قامت إثيوبيا بوضع الخرسانة وتعلية الممر الأوسط لسد النهضة زاد الأمر صعوبة في الحاق الضرر المائي بدولتي المصب مصر والسودان.