نفت وزارة الموارد المائية والري صحة ما تم تداوله مؤخرا عبر بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تحت عنوان "غرق المحافظات"، موضحة أن ما حدث هو غمر طبيعي لأراضي طرح النهر الواقعة داخل مجرى نهر النيل، وليس فيضانا يهدد المناطق أو الكتل السكنية بأي شكل من الأشكال.
وفي بيان رسمي، أكدت الوزارة أنها اتخذت إجراءات استباقية منذ بداية سبتمبر 2025، تحسبا لارتفاع منسوب المياه في فرعي دمياط ورشيد، وذلك في إطار خطة الدولة لحماية المواطنين والحد من أي آثار محتملة لزيادة التصرفات المائية.
من جانبه، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية، بجامعة القاهرة، إن تعد احتمالية وقوع فيضانات في بعض المناطق داخل المحافظتين المصريتين من المخاطر القائمة، رغم الدور الحيوي الذي يؤديه السد العالي في تنظيم منسوب مياه نهر النيل على مدار العام، ما يقلل من فرص غمر المياه لأراضي طرح النهر.
وأضاف شراقي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هذا الاستقرار النسبي شجع العديد من المزارعين على استغلال تلك الأراضي زراعيا، عبر تأجيرها من وزارة الري، باستثناء بعض المناطق المنخفضة التي تظل عرضة للغرق بشكل متكرر.
وأشار شراقي، إلى أن تبدو التحذيرات الحكومية منطقية وضرورية، لا سيما مع احتمالية ارتفاع منسوب النهر مستقبلا وما قد يترتب عليه من خسائر.
وتابع: "من المعروف أن المزارعين على دراية تامة بإمكانية غمر هذه الأراضي في أي وقت من السنة، ما يسقط عنهم الحق في المطالبة بأي تعويض في حال حدوث ذلك، ومع ذلك، فإن ندرة وقوع مثل هذه الفيضانات تجعل الكثيرين يقدمون على زراعة هذه الأراضي دون قلق يذكر من المخاطر المحتملة".
وأوضحت الوزارة أن الأراضي التي شهدت غمرا بالمياه مؤخرا تقع ضمن السهل الفيضي للنهر، وهي بطبيعتها جزء من مجرى نهر النيل، وقد تعودت على استقبال المياه الزائدة خلال سنوات ماضية، إلا أن الاستخدام غير القانوني لهذه الأراضي، سواء بالزراعة الدائمة أو البناء المخالف، ساهم في وقوع خسائر عند ارتفاع مناسيب المياه، رغم أنها أراض غير مخصصة للسكن أو الزراعة طويلة الأمد.
وشددت الوزارة على أنها قامت يوم 7 سبتمبر بمخاطبة جميع المحافظين لتنبيه المواطنين إلى ضرورة توخي الحذر واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية ممتلكاتهم وزراعاتهم، مشيرة إلى أن التعدي على أراضي طرح النهر يعد مخالفة صريحة للقانون ويعرض أصحابها لمخاطر كبيرة.
من جانب آخر، أوضحت مصادر مسؤولة بالوزارة أن تصريف المياه في هذا التوقيت من العام يعد أمرا طبيعيا ولا علاقة له بأي فيضان مفاجئ، مؤكدة أن الوزارة تتابع الموقف المائي بدقة عبر تقنيات متطورة تشمل صور الأقمار الصناعية وتطبيقات رقمية لرصد الغمر وانتشار الحشائش المائية، وعلى رأسها ورد النيل، فضلا عن متابعة مستمرة لحركة التصرفات المائية على مدار الساعة.
وختمت الوزارة بتأكيدها أن استمرار التعديات على مجرى النهر يهدد كفاءته التصريفية، مما يشكل خطرا على المصدر الرئيسي للمياه في مصر، ويؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والزراعة والاقتصاد الوطني، وعلى الرغم من تفهمها لأوضاع المخالفين، فإن الحفاظ على النهر ومصالح الأغلبية يظل أولوية لا يمكن التهاون فيها.
والجدير بالذكر، أن رغم التحديات، يبقى التوازن بين استغلال الموارد الطبيعية والوقاية من المخاطر البيئية ضرورة ملحة، كما أن تعزيز الوعي، واتباع إجراءات استباقية، قد يكونان السبيل الأمثل لضمان استدامة الزراعة وتقليل الخسائر مستقبلا.