تناقش عدد من الخبراء حول تأثير التقلبات الاقتصادية وحالة عدم اليقين التى تسود الأسواق على الارتفاعات الجنونية لأسعار الذهب عالميا وارتباط ذلك بانخفاض قيمة العملة الامريكية، حلال فعاليات اليوم الثاني من منتدى القاهرة الثاني.
قال الدكتور فاروق سوسة، رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجولدمان ساكس، أن النظرة التقليدية إلى الذهب باعتباره أداة للتحوط أو ملاذاً آمناً لم تعد هي المحرك الأساسي لارتفاعه في الوقت الحالي، موضحاً أن ما يقود السوق فعلياً هو قصة "فك الدولرة”، هناك رغبة من الحكومات والمؤسسات في إيجاد وسائل لتخزين الثروة بعيداً عن الدولار، والذهب هو المستفيد الرئيسي من هذا الاتجاه.
مشتريات البنوك المركزية
وأشار إلى أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب خلال الفترة الأخيرة تمثل دليلاً واضحاً على هذا التحول، وكل هذه محركات طويلة الأجل لا ترتبط بمؤشر الخوف ولهذا انقطعت العلاقة الطردية بين ما يعرف بمؤشر التقلب أو الخوف (VIX) وأسعار الذهب.
وتابع، أن النظرة تجاه الدولار تتغير بسرعة، بل إنها تتسارع بفعل سياسات ترامب، سواء عبر فرض التعريفات الجمركية أو من خلال استخدام العقوبات كأداة سياسية. هناك رد فعل عكسي قادم مما يمكن تسميته بالجنوب العالمي، يدفع الدول لإعادة التفكير في كيفية إدارة احتياطاتها.
توقعات أسعار الفائدة
وعن توقعاته للفائدة الأمريكية قال: « نتوقع خفضاً إضافياً بمقدار 25 نقطة أساس في أسعار الفائدة الأمريكية خلال ديسمبر، يتبعه تباطؤ في وتيرة الخفض بواقع ربع نقطة في مارس ويونيو».
وصول سعر الذهب إلى 6 آلاف دولار 2026
ومن جانبه، قال وائل زيادة الشريك التنفيذي زيلا كابيتال، أنه رغم التوقعات المتفائلة لبعض المؤسسات بأن يصل سعر الذهب إلى 6 آلاف دولار بحلول عام 2026، إلا أن هذا التقدير مبالغ فيه.
وأوضح : "في رأيي، الذهب اليوم مبالغ في شرائه، أفهم تماماً القوى الهيكلية التي دفعت الأسعار إلى هذا المستوى، مثل الحرب التجارية وحالة عدم اليقين العالمي، لكن يجب ألا نغفل أن الأسواق اعتادت بالفعل على عدم اليقين، وهو ما يفسر تراجع قراءات مؤشر التقلبات (VIX) رغم استمرار المخاطر".
عمليات شراء هيكلية
وأضاف زيادة أن جزء كبير من الارتفاع الحالي في أسعار الذهب جاء نتيجة عمليات شراء هيكلية ومضاربات مفرطة تزامنت مع قيام البنوك المركزية بزيادة احتياطاتها من الذهب، ما دفع الأسعار للصعود بشكل غير متوازن. وتابع قائلاً: "عندما نعود إلى الأساسيات، نرى أن ما يسمى بدعم الذهب أي الكتلة النقدية (M2) عالمياً مقارنة بالاحتياطيات تحت الأرض وفوق الأرض يعطينا مؤشراً واضحاً على القيمة الحقيقية للذهب"، مضيفا أن الأرقام تشير إلى أن أسعار الذهب مقارنة بالسيولة النقدية المتاحة عالميا مبالغ في شرائه إلى حد كبير، وهو ما يعني أنه سيواجه مقاومة قوية عند هذه المستويات، لست مقتنعاً أن الطريق إلى 5000 أو 6000 دولار للأوقية لن يكون سهلاً بهذا الشكل."
عاملان أساسيان سبب التفاؤل بالذهب
وقال كريم صوابيني، شريك ومدير محفظة مون كابيتال: "لا أتفق معك في الواقع، يوجد عاملين أساسيين يجعلني متفائل جداً بالذهب على المدى الطويل فإن الذهب لم يعد يُستخدم فقط كأداة تحوط ضد تراجع قيمة العملات الورقية، بل أصبح جزءاً من تحول هيكلي في النظام التجاري العالمي، وأضاف: «نرى اليوم المزيد من التجارة تتجه بعيداً عن الدولار بما يسمي " اللادولرة" كما يحدث في آسيا ومجموعة بريكس»، مشيراً إلى أن شركة BHP، وهي من أكبر منتجي السلع في العالم، بدأت مؤخراً بيع خام الحديد بالعملة غير الدولار.
حجم التجارة في السلع
وأضاف موضحاً: «إذا نظرنا إلى حجم التجارة في السلع، فهو يزيد بأكثر من عشرين مرة على حجم سوق الذهب، لذا فإن التحول التدريجي عن الدولار يتطلب آلية موثوقة تدعمها جميع الأطراف، والذهب هو الخيار الطبيعي لذلك».
واتفق معه الخبير إيهيزوجي بينيتي، الرئيس التنفيذي لشركة ريزيرف تكنولوجيز قائلاً: « أوافق أنني على المدى الطويل متفائل أيضاً بالذهب، فالقيمة النفعية للذهب تتغير تدريجياً، ليصبح ليس فقط أصلاً تخزيني بل أيضاً وسيلة محتملة للتجارة والدفع، مضيفا أن التطورات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي والعملات المستقرة ستسهم في تغيير شكل النظام التجاري العالمي، قائلاً: «مع إدخال أدوات الدفع الذكية والأسواق المالية الرقمية، سيكون الذهب جزءاً قيماً للغاية من هذا النظام الجديد ستنعكس ذلك على أسعاره.



