قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

جنيف تشهد محادثات حساسة لإنهاء الحرب في أوكرانيا وسط ضغوط أمريكية على كييف

أرشيفية
أرشيفية

تشهد جنيف، اليوم، حراكا دبلوماسيا مكثفا يلفه كثير من الغموض، مع بدء محادثات حساسة تتعلق بخطوات إحلال السلام في أوكرانيا، في ظل ضغط أمريكي متزايد على كييف للرد على “مبادرة ترامب للسلام”.

وتأتي هذه التطورات في وقت تتسارع فيه التحركات الدولية، وتبدو فيه القوى الكبرى أمام لحظة سياسية دقيقة قد تحدد مستقبل الصراع الأكثر تعقيداً في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وأكدت الولايات المتحدة، أمس السبت، أن سويسرا ستستضيف محادثات مهمة في جنيف، يشارك فيها المبعوث الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو، في إطار التشاور حول الخطوات التالية لتطبيق المبادرة الأميركية.

تنازلات إقليمية

ورغم أن الإدارة الأميركية تقدم الخطة باعتبارها “فرصة لإنهاء الحرب”، فإن بنودها – وفق تسريبات موثوقة – تعكس صيغة شديدة الحساسية بالنسبة لأوكرانيا، تتضمن تنازلات إقليمية وتعديلات جوهرية في موقع البلاد الأمني والعسكري.

واعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن التركيز العالمي يجب أن ينصب الآن على محادثات جنيف، مشيراً إلى إمكانية “إحراز تقدم”، في لهجة توحي بأن لندن باتت ترى أن نافذة إنهاء الحرب بدأت تضيق، وأن على الأطراف المعنية التعامل بواقعية أكبر.

التعقيدات المرتبطة بالخطة الأميركية

على الجانب الأوكراني، أصدر الرئيس فولوديمير زيلينسكي مرسوماً لتشكيل وفد رسمي للتفاوض مع كل من الولايات المتحدة وروسيا. ويترأس الوفد أندريه يرماك، أحد أقرب المقربين من الرئيس، ويضم شخصيات أمنية وعسكرية بارزة، في دلالة على إدراك كييف لحجم التعقيدات المرتبطة بالخطة الأميركية.

وأكدت الرئاسة الأوكرانية أن كييف ستتشاور مع شركائها في الأيام المقبلة، مشددة على أن “أوكرانيا لن تكون أبداً عقبة أمام السلام”، مع الحفاظ على مصالح الشعب الأوكراني.

جاءت هذه التحركات بعدما رحب عدد من قادة مجموعة العشرين بمسودة خطة ترامب، وإن تحفظوا بوضوح على أن الوثيقة “تتطلب مزيداً من العمل”. ووفق ما كشفه موقع “أكسيوس”، فإن الخطة – المؤلفة من 28 بنداً – تقترح تعديلات جوهرية على وضع أوكرانيا المستقبلي، تشمل التخلي عن أراض إضافية في الشرق، والقبول بعدم الانضمام للناتو، وتحديد حجم الجيش بـ600 ألف جندي، إضافة إلى ترتيبات إقليمية حساسة تتعلق بالقرم ودونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا.

ضمانة أميركية مباشرة لأوكرانيا

وتتضمن الخطة كذلك شقاً أمنياً معقداً، أبرز ما فيه ضمانة أميركية مباشرة لأوكرانيا، لكنها مشروطة وتُسقِط الحماية إذا بادرت كييف بأي تصعيد غير مبرر. كما تتضمن الخطة ردّاً عسكرياً منسقاً في حال اعتداء روسي جديد، وإن كانت لا تحدد بوضوح طبيعة الدور الأميركي في هذا الرد.

أما الشق الاقتصادي، فيقترح استخدام 100 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة في إعادة إعمار أوكرانيا، مع حصول الولايات المتحدة على نسبة من الأرباح، وإعادة دمج روسيا تدريجياً في الاقتصاد العالمي وعودتها المحتملة إلى مجموعة الثماني. كما تتضمن الخطة إنشاء صندوق تنمية ضخم، ومشاريع مشتركة في الذكاء الاصطناعي والطاقة والبنية التحتية.

وتذهب الخطة أبعد من ذلك، عبر طرح ترتيبات اجتماعية وإنسانية، تتعلق بالتبادل الكامل للأسرى والجثامين، وبرامج تعليمية “لمحو التحيزات”، وهي بنود تذكّر ببعض ما ورد في خطة ترامب للسلام بين إسرائيل وفلسطين عام 2020.

زيلينسكي وصف المبادرة بأنها “رؤية أميركية قابلة للتعديل”، مؤكداً أن أوكرانيا ستقدم ملاحظاتها بما يضمن أن تكون الخطة “ذات معنى حقيقي”. وفي المقابل، يرى مسؤولون أميركيون أن الخطة “ليست سهلة”، لكنها، بحسب تعبير أحدهم، “أفضل من استمرار الحرب وخسارة أوكرانيا المزيد من الأراضي”.

وبينما يصل ويتكوف وروبيو إلى جنيف، يبدو أن المدينة السويسرية تقف اليوم أمام اختبار جديد لدبلوماسيتها الهادئة. فالتقارب الأميركي – الروسي غير الرسمي، وحالة الإنهاك العسكري على الجبهة، وتردد أوروبا بين دعم أوكرانيا والبحث عن مخرج سياسي، كلها عوامل تجعل من محادثات جنيف حدثاً مفصلياً قد يحدد ملامح المرحلة المقبلة.

ورغم أن الطريق إلى السلام لا يزال محفوفاً بالشكوك والاعتراضات، فإن الحراك الدبلوماسي المتسارع يشير إلى أن الأطراف الدولية تُدرك أن استمرار الحرب لم يعد مقبولاً، وأن جنيف قد تكون بالفعل مسرحاً لولادة ترتيبات جديدة تُعيد رسم خريطة الأمن الأوروبي لسنوات قادمة.