شهد عام 2025 طفرة ملحوظة في مسار العمل الثقافي المصري، عكستها جهود وزارة الثقافة في تطوير البنية التحتية، والتوسع في التحول الرقمي، وتعزيز الحضور المصري إقليميًا ودوليًا، بما يرسخ دور الثقافة كأحد محركات بناء الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة.
تطوير البنية التحتية الثقافية بالمحافظات
أعلنت وزارة الثقافة انضمام 37 موقعًا ثقافيًا جديدًا إلى منظومة العمل الثقافي على مستوى الجمهورية، عقب الانتهاء من تطويرها أو إنشائها بعدد من المحافظات، في إطار استراتيجية تهدف إلى تحقيق العدالة الثقافية وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة للمواطنين.
وشملت المشروعات التي تم افتتاحها متحف الفن الحديث بعد تطويره، وتطوير مسرح بيرم التونسي، إلى جانب إنشاء المبنى الجديد لفرع أكاديمية الفنون بمحافظة الإسكندرية. وفي محافظة القاهرة، تم افتتاح قصر ثقافة حلوان وقصر ثقافة الطفل بجاردن سيتي، بما يدعم الأنشطة الإبداعية ويعزز دور المؤسسات الثقافية في خدمة المجتمع.
كما شهدت محافظة سوهاج افتتاح بيت ثقافة أخميم وقصر ثقافة الطفل بسوهاج، في خطوة تعكس اهتمام الوزارة بمحافظات الصعيد، ودعمها لاكتشاف ورعاية المواهب في مختلف الفئات العمرية.
وحرصًا على دعم المحافظات الحدودية، أولت وزارة الثقافة اهتمامًا خاصًا بمحافظة شمال سيناء، حيث تم افتتاح أربعة مواقع ثقافية جديدة هي: قصر ثقافة نخل، وبيت ثقافة قاطية بمركز بئر العبد، ومكتبة نجيلة، وبيت ثقافة المساعيد، تأكيدًا لالتزام الدولة بدمج هذه المناطق في المشهد الثقافي الوطني.
كما شملت الافتتاحات مكتبة مصر العامة بمنطقة الكرنك بمحافظة الأقصر، وقصر ثقافة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، ومكتبة مصر العامة بشبين القناطر بمحافظة القليوبية، بما يسهم في إتاحة المعرفة وتعزيز المشاركة الثقافية في مختلف الأقاليم.
الثقافة في قلب مبادرة «حياة كريمة»
وفي إطار المشاركة في المشروع الرئاسي «حياة كريمة»، افتتحت وزارة الثقافة 22 منفذًا لبيع الكتب في القرى الأكثر احتياجًا ضمن مشروع «كتابك»، وذلك بمحافظات المنوفية والغربية وقنا، إلى جانب التعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة لافتتاح منافذ بيع داخل قصور وبيوت الثقافة، بهدف إيصال المنتج المعرفي إلى أكبر شريحة ممكنة من المواطنين بأسعار ميسرة.
التحول الرقمي والمبادرات الثقافية الإلكترونية
وفي مجال البنية التحتية الرقمية، دشنت وزارة الثقافة خمس مبادرات وتطبيقات رقمية، في إطار استراتيجيتها لدمج الثقافة مع التكنولوجيا الحديثة. وأعلنت الوزارة انطلاق البث التجريبي لموقعها الإلكتروني الجديد عبر الرابط www.moc.gov.eg، ليكون منصة تفاعلية شاملة للخدمات والمحتوى الثقافي.
كما أطلقت موقع وتطبيق «توت»، كأول منصة إلكترونية متخصصة في كتب ومجلات الأطفال تابعة لوزارة الثقافة، لتقديم محتوى معرفي وإبداعي موجه للطفل بأسلوب عصري وآمن. كذلك تم إطلاق تطبيق «ذاكرة المدينة» كمنصة رقمية متخصصة في توثيق تاريخ المدن المصرية وهويتها البصرية والمعمارية، بما يعزز الوعي بالتراث العمراني وربط الأجيال بتاريخ المكان.
وضمن جهود نشر المعرفة الرقمية، أطلقت الوزارة تطبيق «كتاب»، وهو منصة مجانية تضم مكتبة رقمية تحتوي على آلاف الكتب في مجالات الأدب والتاريخ والعلوم وغيرها، بهدف تسهيل الوصول إلى المحتوى الثقافي عبر الأجهزة الذكية.
كما أطلقت وزارة الثقافة مبادرة «المليون كتاب»، التي تستهدف توزيع مليون كتاب على الوزارات والمؤسسات المعنية ببناء الإنسان ونشر الوعي، من بينها وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والشباب والرياضة، والتضامن الاجتماعي، بالإضافة إلى جامعة الأزهر، والكنيسة المصرية، ونقابة الصحفيين.
حضور دولي فاعل وتعاون ثقافي واسع
وعلى صعيد التعاون الدولي، شاركت وزارة الثقافة في نحو 85 فعالية ثقافية خارجية، تنوعت بين مؤتمرات وزراء الثقافة، والأسابيع الثقافية، والمهرجانات المشتركة، والعواصم الثقافية، في عدد كبير من دول العالم، من بينها قطر، والسعودية، والكويت، والإمارات، والمغرب، والأردن، والهند، وإيطاليا، والصين، وروسيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها.
وأسفرت هذه الجهود عن اختيار مصر نائبًا لرئيس الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر وزراء الثقافة في دول العالم الإسلامي، الذي نظمته منظمة الإيسيسكو بالمملكة العربية السعودية، فضلًا عن مشاركة مصر في صياغة إعلان الحوار الإعلامي العالمي خلال قمة WAVE 2025 بالهند.
كما تم توقيع خطاب نوايا لإطلاق العام الثقافي المصري القطري 2027، وتكريم الفنان الكبير يحيى الفخراني باختياره شخصية العام الثقافية لعام 2025 من قبل منظمة الألكسو.
بروتوكولات تعاون محلية ودولية
وشهد عام 2025 توقيع عدد من بروتوكولات ومذكرات التفاهم مع دول عدة، منها كوريا الجنوبية، وكرواتيا، والجزائر، والإمارات، وقطر، واليابان، لتعزيز التبادل الثقافي وتنفيذ برامج مشتركة خلال الأعوام 2025–2028.
كما وقّعت وزارة الثقافة بروتوكولات تعاون مع عدد من المؤسسات الوطنية، من بينها البنك الأهلي المصري، وصندوق التنمية الحضرية، ودار الإفتاء المصرية، ووزارة الخارجية، لدعم العمل الثقافي، وتشغيل المباني التراثية، وتنظيم فعاليات ثقافية كبرى، وترميم الوثائق التاريخية، حيث تم تسليم وزارة الخارجية 43 اتفاقية تاريخية و13 خريطة نادرة بعد ترميمها بدار الكتب والوثائق القومية.
ويعكس هذا الحراك الثقافي الشامل رؤية الدولة المصرية في جعل الثقافة ركيزة أساسية للتنمية وبناء الوعي، وترسيخ مكانة مصر كقوة ثقافية مؤثرة على المستويين الإقليمي والدولي.



