الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.أمل مصطفى تكتب: السعادة وهم أم حقيقة؟

صدى البلد

 ربما عجبت من هذا السؤال!! نعم، إن هناك سعادة وهمية، وسعادة حقيقية. 

كل إنسان يسعى إلى السعادة. قد يختلف الناس في مذاهبهم، يختلفون في أعراقهم، يختلفون في مبادئهم، وغاياتهم، ومقاصدهم، إلا غاية واحدة ربما اتفقوا عليها، من أولهم إلى آخرهم، إنها طلب السعادة.

المؤمن والكافر، البار والفاجر، كل واحد منهم يريد السعادة لو سألته ،لماذا اخترت هذا؟ ولأي شيء تفعل ذاك؟ لقال: أريد السعادة!! وحين تسألهم ما معنى السعادة؟ لن يستطيع أكثرهم الإجابة بشكلٍ صحيح، ويرجعُ ذلك إلى أنّ المفاهيم تعقّدت وتشابكت، فما عاد غالب النّاس يُفرّقون بين السّعادة والرفاهية والرّضا، وبين النجاة من الموت والألم والسّعي خلف الرّزق ورفاهيّات الحياة ، ويمكن ان نفسر السعادة بانها هي ذلك الشعور المستمر بالغبطة، والطمأنينة، والأريحية، والبهجة، انه هذا الشعور السعيد الذي يأتي نتيجة الاحساس الدائم بخيرية الذات وقيمتها، وخيرية الحياة، وخيرية المصير..

ونتساءل كثيرا عن السعادة، هل السعادة في تكديس المال ؟ وفي جمع الثروات، وبناء العقارات والقصور؟ هل هذه هي السعادة؟

كثير من الناس يتوهم ذلك، فهذا سعيد لأنه يملك الأرصدة في البنوك. وفلان سعيد لأنه يملك كذا من الأراضي، وكذا من العمارات. فلان سعيد لأنه يملك كذا وكذا. كثير من الناس يطلق هذا الوهم بلسانه، وكثير منهم يعتقده بقلبه، فيتصرف من هذا المنطلق الخاطئ ، لا احد ينكر ان توفر المال الذى يلبى الاحتياجات من مسببات السعادة ولكن لا نستطيع ان نشتريها به .. أقول ليست السعادة في جمع المال، على حد قول الشاعر:

ولست أرى السعادة جمع مال..، ولكن التقيّ هو السعيد .. يظن كثير من الناس أن السعادة في الجاه والسلطان، أو الشهرة، ونحو ذلك من متاع الدنيا، ولذا تراهم يلهثون وراء هذه الأشياء ظنًا منهم أنهم سيجنون السعادة منها، غافلين أو متغافلين عن كون من حقق هذه الأشياء يعيشون في قلق وتوتر غالبا، فأموالهم ومناصبهم وشهرتهم لم تمنحهم السعادة التي لهثوا وراءها، وما دروا أين هى السعادة الحقيقية ..أن كثيرا من الناس يخطئ طريق السعادة، كل الناس يريدون السعادة، ولكن كثيرا منهم يخطئ هذا الطريق، بل إن القلة القليلة هي التي تسلك سبيل السعادة الحقيقية.

السعادة ليست كلمة او امنية بعيدة مستحيلة التحقيق .. السعادة منظومة متكاملة متى تحققت فينا شعرنا فعلا بالسعادة الحقيقية واولها ان تبدأ بداية صحيحة مع ربك ومع نفسك مع حلمك وهدفك اجعل حياتك لله ، كن صاحب نفس مطمئنة كن طموحًا ، اسعد من حولك (ابذر الحب – ارحم الضعفاء والمساكين – كن انسانًا ) ، كن ذا نفس نقية من موانع السعادة التى تتمثل فى ( القلق –الغضب - الكراهية والحقد والحسد – ذل النفس والنفاق والتملق) لو لم تزل موانع السعادة تلك وتنقى نفسك منها لايمكن تسعد ، كن ذا قلب كبير يعفو ويرضى فيه يسر وسماحة، وان يكون عندك ارادة للنجاح فى الحياة واستقامة على طاعة الله والصبر على محن الحياة ، وان تحاول ان يكون لديك مجموعة علاقات دافئة مترابطة مع كل المقربين (دفء الاسرة – صحبة صالحة – وفاء لأصحاب الفضل ) ، واذا كنت تريد ان تعيش سعيدا بالفعل فذلك يتحقق فى العطاء .. كن خيرًا .. كن مثمرًا .. وكما تأخذ تعطى وليس شرط الاخذ والعطاء يكون ماديا .ولكن يمكن ان يكون فى مشاعر طيبه وفى حب نقى بلا غاية ، لو اخذت دون ان تعطى لايمكن تسعد .. فلذة العطاء احلى بكثير .. 

عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا ان ندرك ونعى ، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود ..

وخلاصة القول تتحقق السعادة الحقيقية عندما نعيش لغيرنا، عندما نعيش للناس ، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض و ليست الحياة بعدد السنين، ولكنها تقاس بمدى العطاء فى المشاعر. عندما نعيش لانفسنا ، نولد صغارًا ونعيش صغارًا ونموت صغارًا وعندما نعيش للناس يمتدد عمرنا بعمر كل انسان ادخلنا الابتسامة والفرحة على حياته... إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية. .. اسعد من حولك فالسعادة الحقيقية فى اسعاد الناس.وهو قرارٌ يتّخذهُ الإنسان بإراداته وصبره ورغبته، فإذا عزمَ الإنسان على أن يكونَ سعيدًا سيفرحُ كذلك بأبسط الأشياء وأصغرها ويحفلُ بها، وينظرُ لها بعين الرِّضا والحب، لا للسخط والكره، وسيركُل كلّ ما يُنغّص عليه فرح وسعادة يومه؛ حيثُ لن يستطيعَ الإنسان أن يمنَع الهموم والمتاعب من التحلّق حوله، لكنّه بالطّبع يستطيع أن يمنعها من دخول عقله، فوسائل التّنغيصِ وطُرقه كثيرة، لا تنتهي إلّا باتّخاذ المرء قرارًا يمنحُ به نفسه السّعادة. ولنعلم وندرك ان السعادة الكاملة ليست بالدنيا ولكنها هناك فى الحياة الابدية فى حياة الخلود ، وهي ما يجنيه المرء جراء عمله الصالح في حياته الدّنيا، وفيها يقولُ تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) 


جعلنا الله واياكم من سعداء اهل الجنة ونعيمها ، دمتم سعداء...