EN 
"عسل نجع حمادى" جملة شهيرة يرددها الباعة الجائلين فى شوارع مصر المحروسة جنوباً و شمالاً ، للتأكيد على جودة العسل الأسود ، كون مدينة نجع حمادى والقرى المحيطة بها ، المصدر الرئيس لتصنيع العسل الأسود على مستوى الجمهورية و الأهم بين مراكز محافظة قنا التى تشتهر بزراعة القصب.
تميز مركز نجع حمادى فى صناعة العسل الأسود لم يأتى من فراغ، فقد أصبح بمثابة ماركة مسجلة فى انتاج العسل الأسود ، لطبيعة نجع حمادى التى تنتج أكبر كمية من محصول قصب السكر و يورد معظمها لمصانع السكر المنتشرة بين مراكز المحافظة ، ما جعل الكثير من سكانها يعتمدون على هذه الصناعة ما بين صناع وتجار وعمال .
وجبة العسل التى تزين موائد الطعام فى الفطار و العشاء ، لم تأتى بسهولة كما يراها الكثير من محبى العسل الأسود ، لكنها جاءت بعد مراحل عديدة من التعب و الجهد الذى يبدأ مع زراعة محصول القصب ومروراً بكسر ونقل المحصول و انتهاءًا بعملية تصنيع العسل وتسويقه من خلال التجار، بعد ساعات من الوقوف أمام ألسنة اللهب التى ترفع حرارة العصارات إلى مستويات صعبة للعاملين بها.
مراحل التصنيع للعسل مازالت تتم داخل "عصارات عسل" مازالت تحتفظ بطابعها القديم، إلا مع بعض التعديلات البسيطة و إجراءات السلامة والصحة المهنية التى بدأت تلتزم بها بعض العصارات فى مراكز قنا المختلفة ، مع أعمال تطوير فردية لبعض العصارات، فضلاً عن الشهادات الصحية التى لابد أن يحصل عليها العاملين بالعصارة.
قال ابراهيم أبوالحاج، مسئول عصارة عسل بقرية زليتم بنجع حمادى، تبدأ مراحل انتاج العسل الأسود بإحضار القصب من الزراعات المجاورة ، و تخزينه أمام العصارة تمهيداً لاستخدامه بشكل يومى فى استخلاص العسل الأسود بعد مروره بعدة مراحل ، تبدأ بإدخال أعواد القصب إلى العصارة، ليخرج عصير قصب يصب فى أوعية فى غرفة أخرى مجاورة لماكينة العصر.
و تابع أبوالحاج ، بعد تجميع كميات كبيرة من العصير داخل أوانى كبيرة ، يتم غرفها إلى أوانى كبيرة من النحاس والصاج يتم التسخين عليها لفترات طويلة حتى يستوى العسل ويصل إلى مرحلة النضج ، ويتم استخدام مخلفات القصب كوقود فى عملية الحرق التى قد تستمر لساعات طويلة.
و أوضح أبوالحاج ، بأنه بعد استواء العسل يتم تعبئته فى صفائح جديدة وتوزيعها على التجار، الذين يتولون بعد ذلك توزيعها على صغار التجار أو الباعة الجائلين، حتى تكون فى متناول المستهلكين، و أحياناً يتعاقد التاجر مع صاحب عصارة للحصول على إنتاجه من العسل طوال العام.
و أشار أبوالحاج ، إلى أن مراحل إنتاج العسل الأسود ، تمر بإجراءات صحية صارمة تتابعها جهات متعددة للتأكد من مدى سلامة الخطوات التى تخضع لها عملية تصنيع العسل ، حرصاً على سلامة المستهلكين الذين يعتمدون على هذه الوجبة الهامة والمفيدة صحياً.
و قال عبدالله صالح"صاحب عصارة" ، صناعة العسل الأسود تعد من أهم الصناعات بمنطقة جنوب الصعيد ومدينة نجع حمادى خاصة، كونها تستوعب عمالة كثيفة ، لكنها باتت مهددة بالاندثار، لارتفاع تكلفة محصول القصب و العمالة الكثيفة التى تعتمد عليها الصناعة، بجانب الوقود الذى تزداد أسعاره يوماً بعد آخر، و تحول مكسبها الحقيقي للتجار الذين يبيعون المنتج بشكله النهائى، لأن العسل يعتبره الكثير من المستهلكين بمثابة علاج للكثير من الأمراض.
و أشار صالح ، إلى أن صناعة العسل الأسود ارتبطت ارتباطًا وثيق بمدينة نجع حمادى الواقعة ، حتى أن الكثير من الباعة يطلقون على العسل الأسود " عسل نجع حمادى"، حيث تعتمد الصناعة على محصول قصب السكر الذى تحتل محافظة قنا المركز الأول فى إنتاجه على مستوى الجمهورية، كما أنها صناعة قديمة في مصر منذ وجود قصب السكر فى الأراضي المصرية، والذى نقله العرب إلي مصر.
