الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أثار إعجاب نابليون.. حاكم الإسكندرية الثائر ومصيره الأليم

صدى البلد

تاريخ مصر مليء بالصراع والنضال، خاصةً لأنها بلدٌ مرغوبٌ فيه للغاية من قِبَل المستعمِرين بسبب موقعها الاستراتيجي الفريد. منذ القِدَم، اعتُبِرت مصر "ملتقى قارات العالم الثلاث"، وتعرضت للعديد من الغزوات والاحتلالات، بدءًا من حملة نابليون بونابارت الفرنسية، التي واجهت -كعادة المصريين - مقاومة شرسة، وكان من بين رموز هذه المقاومة البطل محمد كُريم.

وُلِدَ هذا الرجل الشجاع في حي الأنفوشي بمدينة الإسكندرية في منتصف القرن الثامن عشر. ترعرع يتيمًا وتكفل به عمه الذي افتتح له دكانًا صغيرًا في الحي. حضر المساجد ليتلقى التعليم وحضر الندوات الشعبية ليتحدث، وسرعان ما اشتهر في المدينة بسبب صفاته الحميدة وسمعته كشخص محبوب ومحترم. تولى مراد بك إدارة الديوان والجمارك في المدينة، وأصبح الحاكم الفعلي للإسكندرية في عهد الحكم العثماني لمصر.

قدوم الحملة الفرنسية

في 19 مايو 1798، أبحر أسطول فرنسي يتكون من 260 سفينة من ميناء طولون في فرنسا، حاملاً جنودًا ومدافعًا وعلماء، وعلى رأسهم نابليون بونابرت، متجهًا نحو الإسكندرية وخلال رحلته، توقف الأسطول في مالطة. عندما علم الإنجليز بذلك، قاد الأدميرال نلسون سفنه لمتابعة الأسطول الفرنسي ومعرفة وجهته وهدفه، افترض نلسون أن الأسطول قد ذهب إلى مصر بعد مغادرته مالطة قبل خمسة أيام، وبالفعل وصل الأسطول الفرنسي إلى الإسكندرية في 28 يونيو 1798. 

وأرسل نابليون وفدًا للتواصل مع حاكم المدينة محمد كريم للحصول على إذن للقوات الفرنسية بالنزول في المدينة وشراء المؤن، ولكن رفض محمد كريم طلبهم قائلاً "الفرنسيون وغيرهم ليس لهم حق في هذا البلد، فارحلوا عنا". وبالتالي، توجه أسطول نلسون إلى الشواطئ الأناضولية للحصول على إمدادات من مدينة أخرى. ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى ظهر الأسطول الفرنسي أمام شواطئ الإسكندرية.

دفاع محمد كريم عن مدينة الإسكندرية 

بدأ محمد كريم وسكان المدينة التحضير للدفاع عنها بأي وسيلة ممكنة، وظل يقود المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين حتى بعد أن اقتحموا المدينة  ثم احتمى محمد كريم في قلعة قايتباي مع فريق من الجنود حتى نفدت ذخيرته. وبعد ذلك، توقف عن المقاومة وتم أسره هو ومن كان معه. ودخل نابليون المدينة وأعلن الأمان فيها. أعجب نابليون بالشجاعة والبسالة التي أظهرها محمد كريم، وسلم سلاحه له واستمر في تعيينه حاكمًا للإسكندرية، في حين عين الجنرال كليبر حاكمًا عسكريًا للمدينة.

ظل كليبر في قيادة الحامية العسكرية في الإسكندرية، في حين انتشرت دعوة محمد كريم للمقاومة الشعبية وحظيت بتأييد المواطنين، مما أدى إلى انتشار الثورة في أنحاء المدينة. 

إعدام محمد كريم

عمد كليبر في وقت لاحق إلى اعتقال بعض الشخصيات المهمة للقضاء على الثورة. وفي نهاية المطاف، تم القبض على محمد كريم في 20 يوليو 1798، ووجهت إليه تهم التحريض على المقاومة وخيانة الجمهورية الفرنسية. استمرت المحاكمة حتى 5 سبتمبر 1798، عندما أرسل نابليون رسالة إلى المحقق يأمره فيها بعرض فكرة دفع فدية قدرها ثلاثون ألف ريال خلال أربع وعشرين ساعة على محمد كريم. لكن محمد كريم رفض دفع الفدية وقال: "إذا كان بإمكاني الموت، فلن يمنعني الموت من دفع الفدية، وإذا كانت الحياة مقدرة لي، فلماذا أدفعها". وفي 6 سبتمبر 1798، أصدر نابليون بونابرت أمرًا بإعدامه عن طريق إطلاق النار عليه في ساحة الرميلة.