بينما يسعى العالم الي وقف الحرب الدائرة منذ أكثر من شهرين ونصف بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وغزة من ناحية، وروسيا وأوكرانيا من ناحية أخرى، دخل الصراع بين أمريكا وكوريا الشمالية منعطفا جديدا.

كوريا الشمالية تستعد للحرب
ذكرت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية، اليوم الخميس، أن الزعيم كيم جونغ أون أمر الجيش وقطاع صناعة الذخائر والأسلحة النووية بتسريع الاستعدادات للحرب لصد ما وصفها بتحركات عدوانية غير مسبوقة من جانب الولايات المتحدة.
وخلال حديث عن التوجهات السياسية للعام الجديد في اجتماع للحزب الحاكم الأربعاء، قال كيم أيضا إن بيونج يانج ستوسع تعاونها الاستراتيجي مع الدول المستقلة المناهضة للإمبريالية.
وعلقت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية بالقول إن الزعيم حدد المهام القتالية للجيش الشعبي وقطاعات صناعة الذخائر والأسلحة النووية والدفاع المدني من أجل تسريع الاستعدادات للحرب بصورة أكبر.
وذكر التقرير أن كيم حدد أيضا خلال الاجتماع الأهداف الاقتصادية للعام الجديد الذي وصفه بأنه عام حاسم لإنجاز خطة التنمية الخمسية للبلاد.

2024 عام ارتفاع وتيرة التصعيد
وفي هذا الصدد، الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، إن العالم لا يحمل أي صراعات أخرى ولكن "الولايات المتحدة الأمريكية" هي من تتحمل كل ما يحدث في العالم.
وأوضح فارس ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن أمريكا فشلت في احتواء الصراعات والعمل على خفض التصعيد سواء ما بين روسيا وأوكرانيا، أو فلسطين ودولة الاحتلال الإسرائيلي، أو حتى على مستوى كوريا الشمالية وخفض التصعيد في شرق آسيا أو حتى احتواء التصعيد مع الصين.
وتابع: وبالتالي كل الأمور تتجه إلى أن يكون عام 2024 هو عام ارتفاع وتيرة التصعيد وعام الحروب، معقبا: فمن يتحمل هذه المسؤولية!؟ هي "الولايات المتحدة الأمريكية"، ولكن هذه التصريحات التي تخرج دائما من زعيم كوريا الشمالية هي تصريحات غير واقعية أو حقيقية ولا يحدث شيء.
وأكد أن هذه المرة هي تصريحات مختلفة لأنه شعر بوجود تهديدات حقيقية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ومن قبل كوريا الجنوبية واليابان باعتبارهما مؤثرين في المشهد في شرق آسيا، وهذا ينعكس بشكل كبير على أنه من الممكن ان تخرج الأمور عن السيطرة وتؤدي إلى انفجارات مدوية وتصبح حربا جديدة في شرق آسيا.

حرب عالمية تستخدم فيها أسلحة الدمار
ومن جانبه، قال الدكتور بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن زعيم كوريا الشمالية دائما يلوح بـ "مسالة الحرب والتهديد"، لان علاقات كوريا الشمالية مع الولايات المتحدة وحلفاؤها كوريا الجنوبية واليابان مرتبكة ومضطربة.
وأوضح عبد الفتاح ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أنه كلما أعلنت الولايات المتحدة عن مناورات عسكرية مشتركة مع حلفائها بجوار كوريا الشمالية مثل اليابان وكوريا الجنوبية نجد أن زعيم كوريا الشمالية يطلق هذه التصريحات.
وتابع: دعم أمريكا لتايوان يستفز الجانب الكوري الشمالي الذي يعد حليفا للصين، فالتوترات الأمريكية مع روسيا أيضا، لافتا إلى أن روسيا والصين حليفتان لكوريا الشمالية، فبالتالي يريد زعيم كوريا الشمالية ان يظهر دعما لروسيا والصين كلما مارست الولايات المتحدة ضغوط عليهما من خلال إطلاق هذه التصريحات.
وواصل: يبدو أن موقف رئيس كوريا الشمالية يأتي بالتنسيق مع الجانبين الروسي والصيني والسبب استمرار التوترات في شرق آسيا، فالولايات المتحدة تريد أن تكون متواجدة ولا تريد أن يكون هناك تحالف بين روسيا والصين وكوريا الشمالية فدائما تريد أمريكا أن تظهر دعمها لحلفائها اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وهذا يؤدي استمرار التوتر في هذا الإقليم.
واختتم: كل الأطراف لا تريد الانزلاق إلى حرب لأن هذه الحرب ستكون حرب عالمية تستخدم فيها أسلحة الدمار الشامل لذلك يبقى الأمر مجرد تهديدات فقط.

ارتفاع مستوى التوتر في العلاقة
وقال الدكتور أحمد سيد أحمد خبير العلاقات الدولية، إن تصريح رئيس كوريا الشمالية بأن احتمالات الحرب أصبحت قائمة هي تأتي في سياق حالة التصعيد المضاد من قبل كل من كوريا الشمالية وأمريكا وكوريا الجنوبية واليابان من ناحية أخرى.
وأوضح ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن هذا التصريح يعكس ارتفاع مستوى التوتر في العلاقة بين الجانبين، خاصة وأنها تأتي في سياق تصاعد الأنشطة العسكرية سواء لكوريا الشمالية أو أمريكا وحلفاؤها كوريا الجنوبية واليابان.
وأكد أن تصريح رئيس كوريا الشمالية يأتي في سياق التصعيد ولكنه لا يعني عمليا أن هناك حربا قادمة، لأن الحرب ستكون مكلفة وسيكون لها نتائج وخيمة على كوريا الشمالية التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، وبالتالي لا تتحمل الدخول في مواجهة سواء مع أمريكا او كوريا الجنوبية لان هذا سيشعل الحرب في شبه الجزيرة الكورية في ظل مخاطر استخدام السلاح النووي في ظل امتلاك كوريا الشمالية لهذا السلاح وامتلاك الصواريخ الباليستية القادرة على حمل قنابل نووية.
وتابع: تصريحات كيم جونغ أون تأتي في سياق الرسالة الرادعة لأمريكا من ناحية وحلفاء أمريكا في هذه المنطقة كوريا الجنوبية واليابان من ناحية أخرى، وتعكس ان هناك الان سباق نحو العسكرة ونحو المزيد من سباق التسلح بين الجانبين.
وسبق أن أكد الزعيم كيم أن بيونغ يانغ لن تتردد في الرد بضربة نووية على أي استفزاز للعدو مرتبط باستخدام الأسلحة النووية ضد الجمهورية.

زيادة إنتاج الأسلحة والتدريبات
وكانت قد وجهت واشنطن وسيئول تحذيرا شديد اللهجة إلى بيونغ يانغ من أن أي هجوم نووي قد تشنه على الولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية سيعني نهاية النظام الكوري الشمالي.
وانتقد متحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الشمالية الأحد، خطط البلدين لتوسيع تدريباتهما العسكرية المشتركة السنوية العام المقبل لتشمل تدريبات على عمليات نووية.
وتأتي عمليات إطلاق الصواريخ من جانب كوريا الشمالية وسط تصاعد التوترات مع جارتها الجنوبية، ولا سيما بعد أن ألغت بيونغ يانغ، الشهر الماضي، الاتفاقية العسكرية التي وقعتها مع سيئول عام 2018 والتي تهدف إلى الحد من التوترات ومنع الاشتباكات على طول الحدود.
وفي أغسطس الماضي، دعا زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، إلى مزيد من الاستعدادات لاحتمال نشوب حرب قادمة، وحث على زيادة إنتاج الأسلحة والتوسع في التدريبات العسكرية.
وكانت هددت كوريا الشمالية في مطلع ديسمبر الجاري، بتدمير أقمار التجسس الأميركية إذا حاولت واشنطن شن أي هجوم يستهدف قمرها الاصطناعي، الذي أطلقته في نوفمبر الماضي، وقالت إنها ستعتبر مثل هذه الخطوة بمثابة إعلان حرب.
ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية عن بيان لمتحدث باسم وزارة الدفاع قوله إن بيونغ يانغ سترد على أي تدخل أميركي ينتهك حقوق بلاده في الفضاء باتخاذ إجراءات دفاعا عن النفس للحد من قدرة أقمار الاستطلاع الأميركية على العمل أو تدميرها.
وتعمل كوريا الشمالية على توسيع علاقاتها مع دول من بينها روسيا، وتتهم واشنطن بيونغيانغ بتزويد موسكو بمعدات عسكرية تستخدمها في حربها مع أوكرانيا، فيما تقدم روسيا دعما فنيا لمساعدة كوريا الشمالية على تطوير قدراتها العسكرية.
