قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

انسحاب جماعي يربك إسرائيل| رسائل دولية ضد الاحتلال.. وأستاذ قانون يحلل

نتبناهو
نتبناهو

في مشهد غير معتاد داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أطلقت أمس واحدة من أقوى الرسائل الرمزية ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك عندما انسحبت عدة وفود دولية بشكل جماعي ومنظم قبيل صعود رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لإلقاء كلمته. 

وجاءت هذه الخطوة الصامتة، لكنها مؤثرة، لتعبر عن رفض واسع النطاق لانتهاكات حقوق الفلسطينيين، ولتعكس تحولا ملحوظا في المزاج الدولي تجاه سياسات إسرائيل العدوانية، خاصة في ظل التصعيد المستمر في غزة والضفة الغربية.

وفي هذا الصدد،  قال الدكتور جهاد أبو لحية أستاذ القانون والنظم السياسية، إن شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين مشهدا غير مسبوق في 26 سبتمبر 2025، حينما غادر عشرات الوفود الرسمية القاعة الأممية بمجرد صعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى منصة الخطاب، كانت تلك اللحظة صامتة لكنها بليغة، إذ مثلت إدانة جماعية لجرائم موثقة، من بينها قتل المدنيين والأطفال في غزة، واستخدام التجويع كسلاح حرب، والتي شكلت محورا للتحقيقات الدولية منذ أواخر عام 2023.

وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن جاء هذا الموقف بعد نحو عشرة أشهر من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق نتنياهو وعدد من قادة جيشه في 21 نوفمبر 2024، على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية وفرض سياسات أدت إلى حرمان ملايين المدنيين الفلسطينيين من الغذاء والدواء، ورغم الطابع الإلزامي للمذكرة بالنسبة إلى الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، سمح لنتنياهو باعتلاء المنصة الأممية، ما أظهر التناقض القائم بين شعارات الأمم المتحدة وممارساتها الواقعية.

جهاد أبو لحية يكشف كيف اضطر نتنياهو على الاتفاق لإنهاء الحرب؟ تفاصيل

وأشار أبو لحية: "لكن الأكثر رمزية جاء من رد الفعل الدولي، فقد انسحبت وفود عربية وأفريقية وأميركية لاتينية وأوروبية في مشهد غير مألوف، عكس رفضا لمنح شرعية سياسية وأخلاقية لشخص متهم بجرائم جسيمة، وصورت وسائل الإعلام العالمية القاعة الأممية وهي شبه خالية أثناء إلقاء نتنياهو كلمته، لتتحول إلى صورة أيقونية تجسد عزلة سياسية وأخلاقية غير مسبوقة لزعيم الاحتلال الإسرائيلي".

وتابع: " ويكتسب هذا الموقف وزنه أيضا بالنظر إلى السياق الأوسع للدورة الثمانين، حيث كانت الولايات المتحدة قد منعت الوفد الفلسطيني الرسمي من الحصول على تأشيرات دخول لحضور الاجتماعات في نيويورك، في انتهاك واضح لاتفاقية مقر الأمم المتحدة لعام 1947، ما اضطر الجمعية العامة للتصويت بأغلبية ساحقة للسماح للرئيس محمود عباس بإلقاء كلمته عبر الفيديو، هذا التلاقي بين حرمان الضحية من المنبر وتمكين من يشتبه في ارتكابه جرائم حرب من استخدامه يعكس اختلالا أخلاقيا وقانونيا يهدد مصداقية الأمم المتحدة". 

وأردف: "لقد حمل الانسحاب الجماعي دلالات متعددة، ومنها: أولا، أنه رفض صريح لتبييض الانتهاكات واعتراف ضمني بضرورة محاسبة المسؤولين عنها، ثانيا، أنه يكرس دور الجمعية العامة كمنبر للضمير الإنساني، رافض لمنح الشرعية لمن يواجه اتهامات دولية، وثالثا، أنه أعاد التأكيد على أن القوة الأخلاقية للدبلوماسية الجماعية يمكن أن تعيد التوازن إلى نظام دولي يعاني أحيانا من هيمنة السياسة على القانون".

 واختتم: "رغم أن الانسحاب لا يغني عن تنفيذ القرارات القضائية أو مساءلة الجناة أمام المحاكم الدولية، إلا أنه يمثل شكلا من أشكال المساءلة العلنية ويبعث برسالة أمل إلى الضحايا الفلسطينيين بأن العالم لا يزال يملك أدوات رمزية وسياسية للضغط من أجل العدالة".

وشهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس، مشهدا استثنائيا تمثل في انسحاب جماعي لعدد من الوفود الدولية قبيل إلقاء رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلمته أمام الجمعية، وقد اعتبر هذا الانسحاب بمثابة رسالة احتجاج واضحة وشديدة اللهجة على السياسات الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني.

ورصدت عدسات الكاميرات عددا كبيرا من المقاعد الشاغرة داخل القاعة في اللحظة التي دخل فيها نتنياهو لإلقاء كلمته، رغم محاولات رئيس الجلسة تهدئة الأجواء ودعوة الوفود إلى البقاء في أماكنها.

وبحسب ما نقلته قناة "إكسترا نيوز"، فقد نفذ الانسحاب بطريقة منظمة ومدروسة من قبل عدة وفود دولية، وجاء مباشرة قبيل بدء خطاب نتنياهو، في خطوة رمزية ذات دلالة سياسية واضحة، تعكس رفضا علنيا لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة في الأراضي الفلسطينية.

واعتبر عدد من المراقبين هذا الانسحاب تطورا لافتا وضغطا سياسيا متصاعدا على إسرائيل في الأوساط والمحافل الدولية، خاصة في أعقاب التصعيد الأخير في قطاع غزة والضفة الغربية، والذي أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، وتفاقم الأوضاع الإنسانية في المناطق الفلسطينية المحاصرة.

احتجاج مباشر على السياسات الإسرائيلية

وأشارت تقارير إعلامية وسياسية إلى أن الوفود المنسحبة أرادت توجيه رسالة مباشرة مفادها أن المجتمع الدولي لم يعد مستعدا للوقوف مكتوف الأيدي إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من انتهاكات مستمرة، تشمل الحصار الخانق، والاعتداءات العسكرية، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

وقد جاء هذا التحرك بالتوازي مع مطالب متكررة من قادة دول ومنظمات دولية تدعو إلى وقف فوري للحرب في غزة، وضرورة تأمين تدفق المساعدات الإنسانية دون أي عوائق، بما ينسجم مع مبادئ القانون الدولي الإنساني.

دلالات سياسية ورسائل دولية

ويرى محللون أن مشهد الانسحاب الجماعي داخل قاعة الجمعية العامة يعكس عزلة سياسية متزايدة تعاني منها إسرائيل على الساحة الدولية، على الرغم من استمرار الدعم الذي تتلقاه من بعض القوى الكبرى.

كما يشير هذا التصرف الرمزي إلى وعي متنام بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بأن السياسات الإسرائيلية، خاصة ما يتعلق بالعدوان على الفلسطينيين، واستمرار سياسة الضم والاستيطان، تمثل تهديدا مباشرا للاستقرار الإقليمي والأمن الدولي، ولا يمكن القبول بها بصمت بعد اليوم.

والجدير بالذكر، أن لا يمكن اعتبار هذا الانسحاب مجرد موقف دبلوماسي عابر، بل هو مؤشر واضح على اتساع رقعة الرفض العالمي للانتهاكات الإسرائيلية، ورسالة قوية بأن المجتمع الدولي لم يعد يتقبل الصمت أو التواطؤ أمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني. 

وبينما تستمر الأصوات المطالبة بوقف العدوان وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، يبدو أن الحراك الرمزي داخل الأمم المتحدة قد يكون نقطة تحول في مسار الضغوط السياسية، وربما بداية لعزلة أوسع تواجهها إسرائيل على المستوى الدولي إذا استمرت في تجاهل القانون الدولي وحقوق الإنسان.