حكم لبس الجوارب الموضحة بالرسوم في حال الإحرام؛ لأني لا أتحمل المشي حافيًا .. سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية.
قالت دار الإفتاء، إن الأصل أنه لا يحل للرجل المحرم أن يستر جسمه كله أو بعضه أو عضوا منه بشيء من اللباس المَخِيط المُحِيط بالعضو، فعليه أن يستر جسمه بالإزار والرداء أو ما يلفه على جسمه من غير إحاطة بخيط، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عمر أن رجلا سأل رسول الله ما يَلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله: ((لا تلبسوا القُمُصَ، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد النعلين، فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين. ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس)) أخرجه الستة.
والضابط في ذلك: «لبس كل شيء معمول على قدر البدن أو بعضه بحيث يحيط به بخياطة أو تلزيق بعضه ببعض أو غيرهما ويستمسك عليه بنفس لبس مثله، بحيث يحتاج إلى تكلف حفظه على نفسه عند اشتغاله بالعمل فلا يكون لابسا للمخيط، إلا المكعب».
أما بخصوص حكم الجوارب، فإن الفقهاء قاسوها على حكم لبس الخفين للمحرم، فلا بد من بيان حكمهما أولا، ثم نبني عليه حكم الجوارب المسؤول عنها.
وأضاف أن المحرم الذي لم يجد النعلين (والمراد بالنعل هنا ما لا يستر الكعبين) ووجد خفين فله أن يلبسهما بعد أن يقطعهما أسفل من الكعبين، كما نص حديث ابن عمر المتقدم، وفي حكمه من وجدهما بثمن أكثر من المعتاد؛ فلا يُعَدُّ واجدًا لهما حكمًا.
وهذا هو قول المذاهب الثلاثة الحنفية والمالكية والشافعية، وهو رواية عن أحمد، وقول عروة بن الزبير والثوري وإسحاق بن راهويه وابن المنذر، وهو مروي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر L، والنخعي.
وقال الحنابلة في المعتمد من المذهب: لا يقطع الخفين، ويلبسهما كما هما. وهو قول عطاء وعكرمة وسعيد بن سالم القداح، بل قال الحنابلة بحرمة قطعهما على المُحرِم؛ للنهي عن
إفساد المال.
وقد فسر الجمهور الكعب الذي يقطع الخف أسفل منه بأنهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم. وفسره الحنفية كما في البحر الرائق (2/348) بالمفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك، بخلافه في الوضوء فإنه العظم الناتئ. ووجهه أنه: «لَمّا كان الكعب يطلق عليه وعلى الناتئ حُمِلَ عليه احتياطًا».
ولا يجوز عند الجمهور لبس الخفين المقطوعين أسفل من الكعبين إلا عند فقد النعلين. فلو وجد النعلين لم يجز له لبسهما، ووجب عليه خلعهما إن كان قد لبسهما. وإن لبسهما لعذر كالمرض لم يأثم وعليه الفداء.
وألحق المالكية والشافعية والحنابلة بالخفين كل ما ستر شيئا من القدمين ستر إحاطة كالجرموق والجورب، فلا يجوز لبس شيء منها إلا بقطع ما أسفل الكعبين عند فقد النعلين، وإن لبس شيئًا منها لعذر من مرض أو برد أو حر لم يأثم وعليه الفداء.
وأما الحنفية فإنهم قالوا: يدخل في الخفين الجوربان ونحوهما إذا كانا غير ساترين للكعبين اللذين في ظاهر القدمين فهو جائز للمحرم، وجد النعلين أو لم يجدهما، لأن ما لا يستر الكعبين هو في معنى النعلين فيجوز للمحرم استعماله، ولو وجد النعلين بعد لبس الخفين المقطوعين يجوز له الاستدامة على ذلك، ويجوز لبس المقطوع مع وجود النعلين، لأن مقطوع ما أسفل الكعبين صار في معنى النعلين.
واتفق الحنفية مع الجمهور في عدم جواز الخفين والجوربين ونحوهما إذا كانا غير مقطوعَيِ الكعبين وما أسفلهما.
وعليه وفى واقعة السؤال: فإن الجوارب المبينة بالشكل يجوز تصنيعها ليلبسها الحجاج والمعتمرون مطلقًا؛ أي سواء وجد نعلين أم لم يجدهما، كما هو قول الحنفية، وهو متفق أيضًا مع تعريفهم للكعبين بالمفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك، وقد أجاز غير الحنفية لبسه إذا لم يجد المحرم النعل، أو وجده بأكثر من ثمنه المعتاد.