قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الذكاء الاصطناعي يلتهم الماء.. كل محادثة بثمن زجاجة

الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي

 خلف الواجهات الرقمية السلسة والإجابات الفورية التي تقدمها نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، يكمن واقع مادي مثير للقلق وتكلفة بيئية باهظة لم تكن في الحسبان، تتمثل في استهلاك كميات هائلة من المياه العذبة. 

ففي الوقت الذي تتسابق فيه عمالقة التكنولوجيا لتطوير نماذج أكثر قوة وذكاءً، تكشف التقارير والدراسات البحثية أن كل محادثة بسيطة نجريها مع هذه الأنظمة تكلف كوكبنا ما يعادل زجاجة مياه كاملة.

مراكز البيانات.. عطش هائل خلف الكواليس

تعود جذور المشكلة إلى البنية التحتية الهائلة التي تدعم هذه الثورة التقنية، وهي مراكز البيانات العملاقة. 

فهذه المنشآت، التي تضم آلاف الخوادم ووحدات معالجة الرسوميات عالية الطاقة، تولد كميات هائلة من الحرارة أثناء عمليات تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المعقدة. 

وللحفاظ على تشغيل هذه المكونات في درجات حرارة مثالية، تعتمد معظم مراكز البيانات على أنظمة تبريد تستهلك كميات ضخمة من المياه العذبة، حيث يتم ضخ المياه لامتصاص الحرارة ثم تبخيرها في أبراج التبريد.

ووفقًا لدراسات حديثة أجراها باحثون في جامعات مرموقة مثل جامعة كاليفورنيا، فإن إجراء محادثة تتكون من عشرين إلى خمسين سؤالاً وجواباً مع روبوت محادثة متقدم يمكن أن يستهلك ما يقرب من نصف لتر من الماء. 

وقد أظهرت تقارير الاستدامة الخاصة بالشركات نفسها أرقامًا مقلقة، حيث سجلت شركة مايكروسوفت، المستثمر الرئيسي في شركة OpenAI المطورة لـChatGPT، قفزة هائلة في استهلاكها للمياه بلغت أربعة وثلاثين بالمئة في عام واحد، وهو ما يرجع بشكل مباشر إلى التوسع الهائل في عمليات الذكاء الاصطناعي.

من التدريب إلى الاستخدام.. استنزاف مستمر

لا يقتصر استهلاك المياه على مرحلة الاستخدام اليومي أو ما يُعرف بـ"الاستدلال" فقط، بل إن مرحلة "التدريب" الأولية لهذه النماذج تستهلك كميات فلكية. 

فعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن عملية تدريب نموذج GPT-3 وحدها قد استهلكت أكثر من سبعمئة ألف لتر من المياه العذبة. 

ومع أن عملية التدريب تحدث مرة واحدة لكل نموذج، فإن مليارات الاستفسارات اليومية التي تتم معالجتها حول العالم تمثل استنزافًا مستمرًا وتراكميًا للموارد المائية.

تحديات بيئية وضغط على الموارد المحلية

تتفاقم المشكلة عند النظر إلى مواقع إنشاء العديد من مراكز البيانات هذه، والتي غالبًا ما تكون في مناطق تعاني بالفعل من الإجهاد المائي أو تواجه تحديات الجفاف. 

هذا الوضع يخلق ضغطًا إضافيًا على الموارد المائية المحلية التي تعتمد عليها المجتمعات في الزراعة ومياه الشرب، مما يثير تساؤلات جدية حول استدامة النمو المتسارع لصناعة الذكاء الاصطناعي.

 وفيما تتجه بعض الشركات نحو استخدام مياه البحر أو المياه المعاد تدويرها، فإن حجم التوسع في هذه الصناعة يفوق بكثير وتيرة تطبيق هذه الحلول المستدامة، مما يجعل "العطش الخفي" للذكاء الاصطناعي تحديًا بيئيًا كبيرًا يجب مواجهته بشفافية وابتكار.